responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 328

 

يحرّمه اللهُ عزّ وجلّ فهذا يكشف عن وجود مفسدة ومبغوضيّة فيه ، ولا يعني وجودَ مصلحةٍ في ترك شرب الخمر ، وبالتالي لا يعني وجوبَ ترْكِه ، فلو نام الإنسانُ ولم يشربِ الخمرَ فلا يُقال : المصلحةُ الملزمة عليه الآن ـ أي حين نومِه ـ هي في عدم شربه للخمر ولا يقال : المصلحة الآن ـ حين نومه ـ هي في عدم كَذِبِه ، كما لا يقال : المصلحة الآن هي في عدم غِيـبته وعدم سرقته ... كما لا يقال له إذا كان لا يشرب الخمر : هو يفعل الواجب .

وبتعبـير ثالث : قد يقال للتاجر إنك إن تاجرتَ بالسلعة الفلانية فإنك سوف تربح كثيراً ، فهذا لا يعني أنه إذا ترك هذه التجارةَ فإنه سوف يخسر كثيراً ، وكذا الأمر تماماً في الوجوب ونـقيضه وفي الحرمة ونـقيضها ، فإذا لم يربح الشخصُ ثوابَ الصلاة فإنه لن يخسر شيئاً ، وإذا ترك شرب الخمر فهذا لا يقتضي أنه سوف يربح شيئاً ، فقد يذهب وينام أو يلهو ويلعب .

فإن قيل : إنّ معنى (الصلاة واجبة) هو : (الصلاة واجبة) و (ترْكُها حرام) ،

قلنا : هذا خطأ واضح ، فإنه ـ إضافةً إلى عدم الدليل عليه ـ مخالف للعقل ، لأنّه يكفي تشريعٌ واحد في إبداء المعنى المراد ، وهو الوجوب البسيط ، الذي يعني الإلزامَ بالفعل ، وبالتالي يكون ترْكُ الإمتـثال ممنوعاً عقلاً ، ويستحقّ المكلّفُ العقابَ عليه ، ولذلك يكون من اللغو أن يتضمّن الحكمُ الإلزامي حكمَين اثـنين كالحكمين المذكورَين .

على أنّ التروكات ـ كترْكِ الصلاة وتركِ شُرْبِ الخمر ـ لا يمكن أنْ تـتـصف بالصفات الوجوديّة كالحرمة والوجوب لأنّ التروكاتِ أعدامٌ ، ولا يصحُّ وصْفُ العدم بصفة وجوديّة ، فلا يصحّ أن تـقول (ترك الصلاة أو ترك التـنـزّهِ أو ترْكُ الأكل أمور جميلة أو طويلة أو عريضة .. ) وذلك لأنها أعدام ، وإنما تـقول (الصلاة واجبةٌ) و (التـنـزّهُ مُريحٌ) ...

ومن هنا تعرفُ أنه لا وجه لما قد يقال من أنّ "(الصلاة واجبة) هي عين (ترْكُها حرام)" ، فإنّ الوجوب غيرُ الحرمةِ ملاكاً ، فالوجوب صفةٌ لما فيه مصلحةٌ ملزِمةٌ ، وترْكُ الصلاةِ لا مفسدة فيها لأنّ التركَ أمْرٌ عدمي ، وإنما التركُ يفوّت مصلحةً ملزمةً ، إضافةً لما قلناه قبل قليل من أنّ التركَ لا يتّصف بالحرمة .

إذن ممنوعيّةُ ترْكِ الصلاةِ عقليّة لا شرعيّة ، وحتى لو سألت نَـبـياً من أنبـياء الله لقال لك ترْكُ الواجبِ ممنوعٌ عقلاً ، ولذلك يستحقّ الإنسانُ العقابَ من المولى تعالى على ترْكِ الصلاة ، لأنّ تركها يعني معصيةَ الله تبارك وتعالى وعدمَ امتـثال أمره ، وشرب الخمر هو الحرام شرعاً ، وليس نقيضه هو الواجب شرعاً ، أي ليس ( ترْك شرب الخمر ) واجباً شرعاً ، وإنما هو واجب عقلاً .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 328
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست