responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 325

 

وأن تَفنَى إرادتُه في إرادة الله تعالى ـ كما في امتحان الباري تعالى خليلَه إبراهيم بذبْحِ وَلَدِه إسماعيل للتدريـب على الإستسلام والتسليم للهِ جلّ وعلا ـ ، وإلاّ فلا يمكن . وبتعبـير آخر : إن كان في أمره الإمتحاني وجهٌ عقلائي كزيادة اللطف بالعبد فيمكن ح الأمرُ ، وإلاّ ـ أي مع عدم وجود وجه عقلائي للأمر ـ فلا يمكن الأمرُ ، والظاهر من كلمات القوم أنّ موضوع البحث هو الأوامر التي مَلاكها في نفس الأمر لا في متعلق الأمر ، أي أنّ المصلحة ليست في ذبح إبراهيم tلِوَلَدِه ، وإنما المصلحة في شيء خارج عن المتعلّق ، كما في الأوامر الإمتحانيّة والتدريـبـية على الإطاعة وكما في استمالة زيدٍ لشخص ما بتوكيله بـبـيع أغراضه لاستمالة قلبه له ولإظهار أنه يؤمن بأمانـته ، مع أنه يكون عازماً على عزله قبل وقت البـيع . على كلٍّ ، لو خالف إبراهيمُ ربَّه فلم يُقْدِمْ على الذبح لَعَصَى ولاستحقّ العقوبةَ عقلاً ، حتى ولو عَلِمَ tبَعد ذلك بأنه كان أمراً امتحانيّاً وتدريـباً ، وذلك لأنه يكون تجرُّءً على مولاه .

ثم إنه إن قال المولى تعالى "على الغنيّ أن يدفع زكاةَ ماله" وهو يَعلم بأنّ بعض الأغنياء لن يدفعوا ولو لكفرهم أو لعدم عِلْمِهم بالخطاب ـ كما في بعض العصور السابقة وفي بعض الأمكنة البعيدة ـ فمع ذلك يصحّ خطابُه المذكور ، وذلك لكفاية وجود بعض الأفراد العالمين الذين سوف يمتـثلون .

*****

 

الجامع بين المقدور وغيرِه

هل يصحُّ أن يأمر المولى بفعلٍ بعضُ أفراده مقدورٌ عليه وبعضُه غيرُ مقدور ؟ مثلاً : هل يصحّ أن يأمر المولى بالصلاة أو بالصيام أو بإكرام العلماء مع أنّ بعضَ أفراد المأمور به غيرُ مقدور عليه ؟ نعم ، لا شكّ في عدم شمول التكليف لخصوص الأفراد المستحيلة الوقوع ، لكنْ كلامُنا في المأمور به الكلّي ـ أي الجامع ـ مع غضّ النظر عن الأفراد ، فهل يجوز أن يتعلّق الأمْرُ بالجامع الذي بعضُ أفرادِه مقدورةٌ وبعضُه مستحيلة ؟

الجواب : لا شكّ في صحّة ذلك ، وهو أمْرٌ لا مانع منه عقلاً وعرفاً ، بل لعلّ الكثير من الأوامر هي بهذا الشكل ، فلو قال المولى لخادمه "إشترِ لي الخبزَ" ـ بنحو الإطلاق البدلي ـ أو "أكرمِ العلماءَ" ـ بنحو الإطلاق الشمولي ـ فهناك بعضُ الأفراد ممكنةُ الإمتـثال ، وهناك بعضُ الأفراد غيرُ ممكنة الإمتـثال ، ورغم ذلك تصحّ هكذا أوامرُ عقلاً وعرفاً ، لأنّ (الخبز) و (العلماء) في المثالَين ينصرفان إلى

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 325
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست