responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 324

 

إذن في الجوابِ تفصيلٌ بين الفعليّة والـتـنجيز ، بمعنى أنه يمكن أن يكون الحكم صادراً ويصيرَ فعليّاً ، حتى ولو كان المأمورُ عاجزاً أو جاهلاً ، إن كان يوجد أثرٌ للفعليّة ، فيمكن صدور هكذا حكمٍ بنحو الجديّة ولا لَغْوِيّة فيه ، ولكن لا يكون منجّزاً ، ولذلك نقول بعدم إمكان صدورِ الأمرِ التعجيزي بداعي الإمتـثال ، وإنما يشترط في التـنجيزِ العِلمُ بالحكم والقدرةُ على الإمتـثال ، فتكون الإرادةُ الجديّةُ عند المولى في مرحلة الفعليّة فـقط ـ دون مرحلة التـنجيز ـ ولذلك نقول لا لَغْوِيّة في صدور هكذا أحكام .

وبعد مراجعة كلمات القوم ـ من أيام السيد المرتضى وإلى أيامنا هذه ـ يظهر أنّ تفصيلنا هذا هو ما يؤمنون به جميعُهم ، وهو وجه الجمع بين كلماتهم .

ونفسُ الكلام يجري في النهي ، فلو نَهَى المولى عبدَه عن النوم أثـناء حراسته وهو يعلم أنه سوف ينام فقد يكون لِنَهْيِه هذا بعضُ فوائد كالحذر والإحتياط مهما أمكن ، فيكون النهيُ فِعْلياً ولا يكون منجّزاً .

ولذلك إذا كان المولى تعالى يعلم بأنّ العبد حينما يذهب إلى الحجّ سوف يَعْجَزُ ـ لأمْرٍ ما ـ عن الرجوع مستطيعاً ، لِعِلْمِهِ بطروء الغلاء على أسعار السلع والفنادق في موسم الحجّ مثلاً ، ولو لِعِلْمِه بوجود مؤامرة من الحكومة أو من التجّار ، وسوف يضطرّ هذا العبدُ حينها أن يقترض وسوف يقع في الحرج ، بحيث لو كان هذا العبدُ يعلم بعدم قدرته على الرجوع مستطيعاً لَعَلِمَ بعدم وجوب الحجّ عليه من الأصل ، فحينـئذٍ يَقْبُحُ على المولى ـ في هكذا حالة ـ أن يكلّفه بالحجّ ، ولو كلّفه لكان ذلك قبـيحاً عقلاً ، وذلك لِقُبْحِ أن يكلّفه الباري تعالى بما فيه ضرر أو حرج ، وهو مخالف لِلُّطْفِ الثابت لله جلّ وعلا ، كما ذهب إلى ذلك السيد علمُ الهدى وصاحبُ المعالم[274] .

وبتعبـير آخر : إذا عَلِمَ اللهُ تعالى بعدم تحقّق شرط التكليف في زمن التكليف فلا يمكن أن يصير التكليف منجَّزاً . ومثلُه ما لو أعلمَنا النبي أو الإمامُ iبأنّ خادمنا زيداً سوف يموت غداً ، فلا يجوز لنا أن نأمرَه بفعلٍ معيّن بعد غد ، ونحن نعلم بأنه سوف يموت غداً ، إلاّ إن كانت غايتـنا من الأمر غيرَ الإمتـثال . ومثلُهما أن يأمر المولى العرفيُّ خادمَه بأمْرٍ ليدرّبه على الإطاعة ـ مثلاً ـ مع عزمه على نسخ الأمر في زمن التكليف .

إذَن إن كان للأمْرِ وجهٌ عقلائي كزيادة الأجر لأمْكَنَ الأمْرُ ـ كما في أمْرِ المولى تعالى عبدَه بأمرٍ ليوطّن نفسَه على الإمتـثال والمولى يعلم أنه سوف يَنسخ الأمْرَ ـ وذلك إذا أراد اللهُ تعالى أن يَرفع مقامَ عبدِه عنده


[274] ذَكَرَ ذلك السيدُ علي الموسوي القزويني في (تعليقة على معالم الدين) ج 4 ص 433 و ص 446 .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 324
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست