اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 321
فإن قلتَ : ألا يوجبُ العقلُ ـ
مع فوات الملاكِ في وقته ـ تحصيلَ الملاك خارج الوقت ، من باب الإقتصار على أقلّ
خسارة ممكنة في الواجبات الغير مقيّدة بالقدرة الشرعيّة كالصلاة ؟
قلتُ : ما يدرينا بالمصالح
والمفاسد ، فلعلّ المصلحة أن يقع الفعل في الوقت لا خارجه ، كما هو الحال في
الكثير من المؤقّتات كالحجّ الذي لا يُقضَى خارج موسم الحجّ وأركان الصلاة ـ
كالركوع ـ وصلاة الجمعة وغسل الجمعة الذي لا قضاء له عصرَ يومِ السبت وما بعده .
وسيأتي في البحث التالي مزيدُ كلامٍ وتفصيلٍ في المقام ، فلا نُعيد .
*
* * * *
حالات
ارتـفاع القدرة
قد تزول القدرةُ بالعصيان ، أي
حتى تفوتَ القدرةُ على فِعْلِ المؤقّت في زمانه المرسوم ، ولو بتعجيز المكلّفِ
نفسَه عن أداء الواجب المؤقّت ، كما لو دخل وقتُ الفريضة فأراق ماءَ الوضوء عن
عِلْمٍ بعدم وجود ماء غيرِه ، أو تماهل حتى لم يَعُدْ يستطيعُ على الذهاب مع
القوافل إلى الحجّ ، فهذا مُدانٌ شرعاً وعقلاً ، وبالتالي هو يستحقّ العقابَ عقلاً
. وهنا نقول : إنّ العجز بسوء الإخـتيار لا ينافي العقابَ ، أي أنّ هذا الشخصَ
الذي أوقَعَ نفسَه في العجْز لا يُقال له هو غير مختار فلا يستحقّ العقاب ، وإنما
يقال له بأنك تستحقّ العقابَ . فلو أوقع نفسه من شاهق فليس له أن يقول "أنا
الآن غيرُ قادر على الإمتـثال ولذلك فلا أستحقّ العقاب" ، وإنما يجب أن يقال
له "بما أنك أوقعتَ نفسَك في العجز في بداية الأمرِ ، فإنّ اضطرارك الآن على
السقوط إلى الأسفل لا ينافي استحقاقك للعقاب عند جميع العقلاء قاطبةً ، لأنك كنت قادراً
على الإبتعاد عن الوقوع في المَهلَكَة ، فوقوعُك الآن حرامٌ عليك فعلاً ، لأنه
مبغوض تمام المبغوضيّة ، ولذلك فأنت تستحقّ العقابَ عليه" ، وكذا لو أدخل
نفسَه في أرض مغصوبة ، وأراد أن يخرج ، فليس له أن يقول "أنا الآن غير مُدان
ولا أستحقّ العقابَ لأنّ خروجي أقلُّ مكروهيةً من بقائي ، ويَحكم العقلُ بلزوم
خروجي لأنه أقلّ الضررين !! " ، وإنما نقول له ـ كما قلنا فيمن ألقَى بنفسه
من شاهق ـ "أنت تستحقّ العقابَ على خروجك من الأرض ، حتى وإن كان الخروجُ
واجباً عقلاً ، وذلك لأنه أقلّ الحرامَين ، ولكنْ خروجُك الآن هو بنفسه حرام ، لا
أنه يَسقُطُ قُبْحُه وحرمته الفعليّة ، نعم تُسقُطُ بالضرورةِ الحرمةُ الفاعليّة ـ
أي المحرّكة ـ لأنه لا يمكن الإمتـثال" . وإنما نقول بعدم سقوط الفِعْلِيّة
في الأمور التي لا يُشترَطُ
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 321