اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 320
حقيقي مِنَ الآمِرِ بغاية التحريك
، مع عدم قدرة المأمورِ على الفعل أو الترك ، كما لو أمَرَهُ بأن يطير في السماء ،
أو أمَرَهُ بما هو واجبُ الحصولِ خارجاً ، كما لو أمَرَهُ بأن يتـنفّسَ في هذا
اليوم ، فإنه لا يصحّ الأمْرُ به لأنه سيكون لَغْواً محْضاً ، وهو لا يَصْدُرُ
مِنَ الحكيم ... وقد ذكرنا أكثر من مرّة مراتبَ الحكم الشرعي الواقعي والظاهري ،
ومراحل الملاك والجعل والفعليّة والتـنجّز[270] .
ولا شكّ أنك تعرفُ الفرقَ بين القدرة
الشرعيّة والقدرةِ العقليّة ، فالقدرةُ الشرعيّة هي القدرة المأخوذة في لسان
الدليل كما في الإستطاعة إلى الحجّ والقدرة على الصيام ، ودخالةُ القدرة في لسان
الدليل كاشفةٌ عن عدم محبوبـية صدورها من العاجز ، والقدرةُ العقليّة هي القدرة
الغيرُ مأخوذةٍ في لسان الدليل كالقدرة المأخوذة عقلاً في إنقاذ الغريق ، وأنت تعلم
أنّ القدرة إن كانت شرعيّةً فلا فعليّة للحكم مع عدم القدرة ـ لأنّ القدرةَ فيها
من شرائط الفعليّة ـ ، وإن كانت عقليّةً فالفعليّةُ ثابتةٌ ، وذلك لفعليّة المحبوبـية
التامّة ، إلاّ أنّه مع عدم القدرة لا تـنجيز ، وبالتالي لا محرّكيّة ولا إدانة[271] في التكليف بما لا
يطاق .
والسؤال الآنهو : إن فاته العملُ في وقته لعدم القدرة عليه ضِمن الوقت ـ
كما لو تعذّرت الطهارةُ ضِمن الوقت ، كالمحبوسِين في الأماكن النجسة ـ ففاتـته
الصلاةُ لهذا السبب ، فهل عليه القضاء بعد فوات الوقت عند ارتفاع العذرِ أم لا ؟
الجواب ذكرناه في القسم الثاني من هذا الكتاب عند قولنا ( ب ـ الشك في الإطلاق
لحالة التعذُّر ... وقلنا هناك بعدم وجوب القضاء وهو أحدُ قولَي الشيخ والمفيد ، قالوا
"لأنها صلاةٌ سقط وجوبها في وقتها ، فلا تجب بعد خروجه ، ولأن القضاء تكليف
مبتدأ يتوقف على دلالة الشرع ، وحيث لا دلالة فلا قضاء" [272]، ورجّح عدمَ القضاء
المحقّقُ الحلّي أيضاً ، ومِثلَه قال العلاّمةُ الحلّي ، قال : "مسألة 303 :
اِختلف علماؤنا في فاقد المطَهِّرَين ، فقال بعضهم : يصلي ويعيد ، إختاره الشيخ في
المبسوط ، وقال آخرون : تسقط أداءً وقضاءً وهو المعتمَد . دليلنا : أن الأداء ساقط
فكذا القضاء ، والملازمةُ للتبعية ، وصِدْقُ المُقَدَّمِ لقوله (ع) "لا صلاة إلا
بطهور" ولأنها صلاة غيرُ مأمور بها مع الحدث في وقتها فيسقط قضاؤها كالحائض"
(إنـتهى) فراجع .
[270]
راجع مثلاً ص 39 ـ 46 ، وراجع
أيضاً ص 198 فقد تعرّضنا للقدرة الشرعيّة والعقليّة ، وفي بحث الضدّ الخاصّ الآتي
.