اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 298
بالتكليف أصلاً[252] لزوال الركن الأول من
أركانه ، لأنّ عدم الإضطرار جزء الموضوع للتكليف ـ الفعلي ـ ، وحيث إن المكلف يحتمل اَنّ
النجس المعلوم هو المضطَرّ إليه بالذات فلا علم له بالتكليف الفعلي[253] ، فتجري الاُصول المؤمّنة
بدون معارض .
واُخرى يكون
الإضطرار بعد حصول سبب التكليف ـ وهو كما عرفتَ العِلْمُ بوقوعِ النجاسة ـ وهنا يتَشَكَّلُ العِلْمُ
الإجمالي بالتكليف لا محالة فالركن الأول محفوظ .
ولكن هنا تارةً يُفترض
حصولُ الإضطرار بعد حصول العلم الإجمالي ، كما إذا علم بوقوع قطرة دم في الثوب أو
الماء ثم اضطُرَّ إلى شرب الماء ، واُخرى يفترض حصول الإضطرار مقارناً مع
العلم
[252] بل هنا
يتشكّل علم إجمالي بوجود نجاسة فعلية في أحدهما ، نعم في الإناء المضطرّ إليه لا
منجزّية بلا شكّ ، ولكن ـ رغم ذلك ـ الفعليّةُ باقية والمفسدة باقية ، وفرقٌ بين رفع التـنجيز
ورفع الفعلية ، فالإضطرار يرفع خصوص التـنجيز فقط ولا يَرفع المفسدةَ ، لأنها
تكوينية .. وهنا اشتباهُ سيدِنا الشهيد
وجَلّ مَن لا يسهو . والصحيح أنه يجب في هكذا حالة الإجتـنابُ عن الطرف الآخر ـ أي غير المضطر إليه ـ عقلاً ، فالعِلمُ
الإجمالي حاصلٌ وجداناً ، وإنما يجوز شرب الطرف الأوّل للإضطرار إليه ، وهذا لا
يسوّغ جواز شرب الإناء الآخر ، فإنّ الضرورات تقدّر بقدرها ، بل إنّ قولهم بجواز
شرب الإناء الغير مضطرّ إليه مستهجن عند كلّ المتشرّعة ، ولا يفهمه العرف من قوله (ع) "
كلّ شيء نظيف حتى تعلم أنه قذر" أو " كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك
حلال .." .
[253] عرفتَ من
الحاشية السابقة أنّ الصحيح هو أنّ عدم الإضطرار جزء الموضوع للتـنجيز فقط ، لا
للملاك ولا للجعل ، ولا للفعليّة ، ذلك لأنّ المفسدة باقية حتى بلحاظ الفرد النجس
المضطرّ إليه ، وبالتالي يـبقى الجعل ، وهو حرمة شرب المتـنجّس ، وبالتالي تبقى
الفعليّة تكويناً ، نعم لا تـنجيز قطعاً . وتكراره لقوله "فتجري الاُصول المؤمّنة
بدون معارض" قول فاسد ، ولا دليل عليه ، بل قد عرفت سابقاً فساده .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 298