اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 266
لزوم الموافقة القطعيّة ، ولكنْ
هذا العلمُ لا يمانع ـ ثبوتاً وإمكاناً وعقلاً ـ في أن يرخّصنا المولى تعالى في
كلّ الأطراف تقديماً لمصلحة التسهيل .
وأجاب على هذا الكلام المحقّق
النائيني ـ وتبعه السيد الخوئي[217]ـ قال : "إنّ
الترخيص في تمام أطراف العلم الإجمالي ترخيص في معصية التكليف الواصل ، والترخيص
في معصية التكليف الواصل قبـيح لا يصدر من الحكيم" [218] فهما إذن يقولان بأنّ
العلم الإجمالي علّة تامّة لتـنجيز الحرمة القطعيّة، فح لا يمكن مع تماميّة هذا التـنجيزِ
الترخيصُ في ارتكاب الجميع .
أقول : لا مانع من أن يرى
المولى ـ في بعض الموارد ـ مصلحةَ التسهيل بالترخيص أهمّ من مصلحة الإبتعاد عن
احتمال المعصية . بل حتى الإنسان العادي قد يُقْدِمُ على ما فيه ضررُه القليل إذا
كان يتوخّى من ورائه منفعةً أهمّ .
* * *
* *
النقطة الثانية : هل يمكن
الترخيصُ في تمام الأطراف إثباتاً أم لا ؟
يرى السيد الشهيد الصدر استحالةَ الترخيصِ ـ إثباتاً ـ في كلّ الأطراف ، لأنّ ذلك على
خلاف ارتكاز العقلاء ...
وقيل لا مانع إثباتاً ـ أي بلحاظ
أَلْسِنَةِ أدلّة الاُصول الترخيصيّة ـ من جريان الاُصول الترخيصيّة في تمام
الأطراف ـ كما ادّعينا في المرحلة الثبوتيّة ـ وذلك لأنّ كلّ طرف من الأطراف يصدق
عليه عرفاً أنه ممّا لا يعلمون ، إذن ـ فمع عدم وجود مانع ووجود إطلاقات للاُصول
المؤمّنة ـ فيجب أن تَجري الاُصولُ الترخيصيّة في تمام أطراف العلم الإجمالي !!
والحقّ هو أنّ هذا الكلام
المذكور في غاية الغرابة ، والصحيح هو أنّ العرف يستبعدون جريانَ الاُصولِ الشرعية
الترخيصيّة في أطراف العلم الإجمالي إن كانت قليلة ، فيدّعون الإنصرافَ عن موارد
العلم الإجمالي القليلة الأطراف ، ولا يستبعدون جريانها في الموارد الكثيرة جداً .
لاحِظْ ما رواه أحمد بن محمد بن
خالد البرقي عن أبـيه عن محمد بن سنان عن أبي الجارود (زياد بن منذر) قال سألت أبا جعفر (ع) عن الجُبْن وقلت له :
أخبَرَني مَن رأى أنه يُجعل فيه المَيتةُ ؟ فقال : أمِنْ أجْلِ مكانٍ واحدٍ يُجعل فيه
المَيتةُ حُرِّمَ في جميع الأرضين ؟! إذا علمتَ أنه مَيتة فلا تأكلْ ، وإن لم
[217]
مصباح الاُصول ج 4 ص 346 ، والدراسات ج 3 ص 220 .
[218]
فوائد الاُصول ج 4 ص 6 ، وأجود التقريرات ج 2 ص 241 .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 266