اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 265
وبين ما لو وجب إكرام أحد شخصين ـ
على نحو التخيـير ـ إمّا زيد وإمّا عَمْرو !! فإنّ في مثال التردّد في الصلاة
الواجبة بين الظهر والجمعة يرى العقلُ لزومَ الإمتـثال القطعي للحكم المعلوم .
وبكلمة واحدة : إنّ قاعدة قبح
العقاب بلا بـيان لا تشمل موارد العلم الإجمالي أصلاً ، ذلك لأنّ موارد العلم
الإجمالي خارجةٌ تخصّصاً من قاعدة قبح العقاب ، لأنه يوجد في العلم الإجمالي بـيان
. وبتعبـير أوضح : البـيانُ في العلم الإجمالي تامّ وهو من وجهٍ علمٌ تـفصيلي ،
وهو أنـنا نعلم بأنّ نجاسة الدم قد وقعت في أحد هذين الإناءين ـ لا في ذَينك
الإناءين ـ وهي نجاسة دم أوقعها الشخصُ الفلاني ... يعرفه الله وملائكته ونحن لا
نعرفه ، هذا المقدار من عدم المعرفة لا يُدخِلُ ما نحن فيه في قاعدة قبح العقاب
بلا بـيان أصلاً ، وإنما يوجد بـيان ووضوح .
وهنا يأتي السؤالُ التالي : لو فرضنا أنّ
أنساناً خالف وظيفتَه ولم يُصَلّ كلتا الصلاتين ، وإنما اكتـفى بصلاة واحدة فقط ،
فهل يستحقّ العقاب عقلاً أم لا ؟
الجواب : على فرض أنه صادف
أنه أتَى بالصلاة الواجبة واقعاً فهو قد أتى بما عليه واقعاً ، ولكنه مع ذلك
يستحقّ الملامة على هذا التجرّؤ ، لا بل قد يستحقّ العقابَ عقلاً أيضاً ، بدليل
أنّه خالف حقّ المولى عليه من لزوم تعظيمة وعدم التجرّؤ عليه بعمل فيه احتمال
المعصية المقرون بالعلم الإجمالي .. وأمّا إن لم يأتِ بالصلاة الواجبة واقعاً
صدفةً ، فإنه يستحقّ العقاب قطعاً على المخالفة ، بعدما أوجب عليه العقلُ
الإحتياطَ .
بعدما عرفتَ ما ذكرناه في
المقام الأوّل يجب أن نـنظر إلى عدّة نقاط تـترتّب على البحث السابق وهي التالية :
النقطة الاُولى : هل يمكن
الترخيصُ في تمام الأطراف عقلاً أم لا ؟
لا شكّ أنه يمكن ثبوتاً ـ أي
عقلاً ـ الترخيصُ الشرعي في تمام الأطراف ، فلو فرضنا أنـنا نعلم بنجاسة إناء من بين
إناءين أو مئة إناء أو ألف إناء لأمكن للباري تعالى أن يرخّصنا بارتكاب كلّ
الأطراف ، تقديماً لمصلحة التسهيل على مصلحة إدراك الواقع . وعلى هذا لا يلزم من
كلامنا اجتماع حكمين واقعيـين فعليـين متضادّين ، وذلك لأنـنا ندّعي أنّ الترخيص
حكم ظاهري لا حكماً واقعيّاً كي يلزم من ذلك التضادّ . هذا المسلك يسمّى بـ (مسلك
الإقتضاء) ، يعني أنّ العلم الإجمالي يقتضي بنفسه
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 265