اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 267
تعلم فاشترِ وبِعْ وكُلْ ، واللهِ
إني لأعترض السوق فاشتري بها اللحم والسمن والجُبْن ، واللهِ ما أظن كلهم يُسَمُّون
، هذه البربر وهذه السودان [219] مصحّحة السند عندنا بأبي
الجارود ، وإن كان في صحّة سندها كلام معروفٌ وهو في أبي الجارود ، ولكنـنا نوثّقه
لتوثيق المـفيد
له ولمدحه مدحاً بليغاً ، ولتوثيق سعد بن عبد الله له ، نقله النجاشي في ترجمة
زياد بن عيسى ، وقاله ابن فضّال ، نقله عنه الكشّي ، وقال العلاّمة ثقة صحيح ، ولا
يضر فساد عقيدته بوثاقته .
وأيضاً العرفُ يجري الاُصول
الترخيصيّة في الشبهات البدويّة بلا شكّ ولا خلاف عندهم . وكلامُنا هنا
فيما لو كانت أطراف العلم الإجمالي قليلة عرفاً ، كمئة إناء ، بـينها واحد متـنجّس .
في هكذا حالة يَفهم الناسُ مِن
قوله w
رُفِعَ عن
أمّتي ما لا يعلمون [220] أنك إن كنت تجهل بحرمة
شيء أو بوجوبه ـ مثلاً ـ فابْنِ على عدم حرمته وعدم وجوبه ، وليس النظرُ إلى موارد
العلم الإجمالي القليلة الأطراف ، فإنّ العلم الإجمالي فيها منجّز عرفاً ، ولا
يمكن الترخيص عرفاً ، أو قُلْ لا تجري الاُصولُ الترخيصيّة في جميع الأطراف عرفاً
... وعليه فلا يمكن عرفاً التمسّك بإطلاق ما لا يعلمون . وليس هذا الإنصراف
إلاّ لِعِلْمِنا بنجاسة أحد هذين الإناءين ، هذا العلم الإجمالي يجعل الناسَ تقول
هذا المورد خارج عن موضوع حديث الرفع .
وبتعبـير آخر : لا يفهم الناس من
أدلّة الاُصول الترخيصيّة شمولَها لموارد العلم الإجمالي ، وذلك بسبب تقديمهم
للمحتمل ـ هو نجاسة أحد الآنية واقعاً ـ على مصلحة التسهيل التي يفهمونها من أدلّة
الترخيص .
وبتعبـير ثالث : يُقَدّم العرفُ
ـ بفِطْرتهم ـ مراعاةَ المحتملِ الواقعي على الحكم الظاهري ـ وهو الترخيص ـ
فيقدّمون (تَرْكَ كلا الإناءين) على الترخيص الظاهري ، هذا التقديمُ هو المانع من
إجرائهم الترخيص الظاهري في موارد العلم الإجمالي .
وبتعبـير رابع : عند التزاحم بين
غرض إلزامي مقطوع به بحسب الأصل ـ وهو حرمة شرب الماء المتـنجّس ـ وغرض ترخيصي
محتمل ـ وهو التسهيل ـ فمن الطبـيعي أنّ الناس في هكذا حالة سيقدّمون الغرضَ
الإلزامي المقطوعَ به بحسب الأصل على الغرض الترخيصي المحتمل الشمول لموارد العلم
[219]
ئل 17 ب 61 من أبواب الأطعمة المباحة ح 5 ص 91 و المحاسن ج 2 ص 495 .