responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 264

 

نعم ، هو يوجب الإحتياطَ أخيراً ، أي في مرحلة ثانية ، وذلك مِن بابٍ أنّ البراءتين العقليّة والشرعيّة في أحد الطرفين معارَضتان بالبراءتين العقليّة والشرعيّة في الطرف الآخر ، بسبب عِلْمِنا بحرمة المخالفة القطعيّة ، فتـتساقط كلتا البراءتين ، لعدم إمكان الترجيح بلا مرجّح ، وح تبقى الأطراف بلا اُصول مؤمّنة ، فيجب ح الإحتياطُ من هذا الباب ، ولولا هذا التعارض والتساقط لما وجب الإحتياط . ولهذا تراه يُكْثِرُ مِن قولِه ـ في حالات الإضطرار إلى بعض الأطراف أو خروج بعض الأطراف من محلّ الإبتلاء ـ بأنه تجري في بقيّة الأطراف الاُصولُ المؤمّنة من دون معارِض . وكلامُنا معه إنما هو في المرحلة الاُولى ـ وهو في اقتضاء نفس العلم الإجمالي للزوم الموافقة القطعيّة ـ قبل أن نصل إلى مرحلة التعارض والتساقط ، ولذلك قلنا بأنّ البراءتين العقليّة والشرعيّة لا تجريان مِنَ الأصل ـ أي في المرحلة الاُولى ـ في موارد العِلم الإجمالي .

ويرد عليه بأنّ المكلّف يعلم أنّ إحدى الصلاتين واجبةٌ عليه واقعاً ، فكيف يُكتـفى ـ عقلاً أو شرعاً ـ بإحدى الصلاتين ، حتى ولو احتملنا أن لا تكون هي الواجبة شرعاً ؟!

وأين هذا مِن قول المولى لعبده "اَكرِمْ أحدَ هذين الشخصين" ؟ ففي قولنا الثاني يُكتـفى بإكرام أحدهما ، لأنه لم يتـنجّز أكثرُ مِن وجوب إكرام أحدهما فقط ، أمّا في المثال الأوّل فلا يُكتـفى بإحدى الصلاتين عقلاً ولا شرعاً ، بعد تـنجيز الصلاة الواقعيّة المعيّنة عليه ، وذلك لِعِلْمِنا بوجوب أحديهما المعيّنة عند الله تعالى ، ولذلك تجب الموافقة القطعيّة ـ عقلاً وشرعاً ـ بالإتيان بكلتا الصلاتين ، ليعلم بالإتيان بالفرد الواقعي ، أو قُل (الإشتغالُ اليقيني يستدعي عقلاً الفراغَ اليقيني) . والردُّ عليه أكثرَ من هذا مَضْيَعَةٌ للوقت لكون الأمرِ أكثرَ مِن بديهي .

وما كنت أظنّ أنّ السيد الشهيد أيضاً ، يرى أنه على مبنى تعلّق العلم الإجمالي بالواقع ـ فضلاً عن تعلّقه بالجامع ـ يجب القول بعدم لزوم الموافقة القطعيّة . لا ، بل والأفظع من هذا أنه قال بعد ذلك : "والإنصاف : أنّ هذا من فضائح القول بقاعدة (قبح العقاب بلا بـيان) بحرفيّتها ، إذ كيف يقبل الوجدان أن يقال بجواز المخالفة الإحتماليّة لحكمٍ عُلِمَ إجمالاً مِن قِبَلِ المولى تعالى من دون جعلِ براءةٍ شرعيّة في المقام ، وأنّه ليس له حقّ الطاعة أزيد من الموافقة الإحتماليّة لذلك ؟!" (إنـتهى) [216] . فأنا ممّن يقول بقاعدة قبح العقاب ولا أرى ما ألزمنا به السيد الشهيد !! ولم يلتـفت السيد الشهيد إلى الفرق السالف الذكر بين ما لو عَلِمْنا بوجوب إحدى الصلاتين إمّا الظهر وإمّا الجمعة


[216] راجع مباحث الاُصول ج 4 من القسم الثاني / أسفل ص 28 و 29 .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 264
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست