responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 253

معلول لتصور جزئَيه لا غير ، ولا يتوقف العقل فيه إلا على تصور طرفيه ، وقولُنا (العدل حسن) واجدٌ لتلك الخصيصة ، فإن تصور الجزءين كاف في الجزم بالقضية"(إنـتهى) .

أقول : وأنت بعد الذي تُلِيَ عليك ستعرف أنّ الحقّ مع الطائفة الثانية ، فإنه مهما قالوا وقالوا لا يمكن إلاّ أن يكون (العدلُ حسن) و (الإحسانُ حسن) و (الصدق من حيث هو صدق حسن) كلّ ذلك مع غضّ النظر عمّا قد يطرأ على الصدق والإحسان من عناوين تجعلها قبـيحة و (الظلمُ قبـيحٌ) و (السرقة قبـيحة) مع غضّ النظر عمّا قد يطرأ على السرقة من عنوان يجعلها واجبة ، كسرقة طعام في حالة الجوع لسدّ الرمق ، المهم هو أنّ قضيّتَي (العدل حسن) و (الظلمُ قبـيح) هما من اليقينيات الأوّلية ، وذلك لمطابقتهما للواقع ، حتى ولو اضطر الإنسانُ إلى الكذب أحياناً لغلبة مفسدة الصدق أحياناً على مصلحة الكذب ، أو أعطى فلاناً أكثر من فلان ـ طبعاً لا من باب الظلم للآخرين ـ فإنّ ذلك لا يُخرِجُ العدلَ من الحُسن ولا الظلمَ من القُبح ، والحاكمُ في هتين القضيّتين العقلان النظري والعملي ، فإنه يكفي فيهما تصوّر طرفَيهما ليُحكَمَ بهما ، ولا يشذّ عن ذلك عاقلٌ في العالم ، فهما إذن قضايا أوّليّة .

ولبـيان الأمر أكثر أقول : إنّ الحُسْنَ والقُبْحَ هما نـتيجة للكسر والإنكسار في مرحلة هي أسبق من مرحلة الحسن والقبح ، وهي مرحلة المصالح والمفاسد ، فالكذب مثلاً بعنوانه الأوّلي فيه مفسدة إلزامية ، فإن كان فيه مصلحة قليلة فقد يـبقى الكذب على قبحه الإلزامي وقد يصير قبـيحاً ولكن لا بتلك المرتبة الإلزامية ، أي بحسب الكسر والإنكسار ، وقد يكون فيه مصلحة كبـيرة فيصير واجباً أو مستحبّاً ، أي بعد الكسر والإنكسار في مرحلة المصالح والمفاسد ، وقد يتساويان فيكون مباحاً إباحةً إقتضائيّة . وعليه فقد يكون الكذب واجباً كما في إنقاذ المؤمن من اعتداء ظالم عليه ، وكما في أغلب حالات التقية اليوم ، وهكذا ... لكن لا ينفي بقاء المفسدة في هذا الكذب ، حتى ولو قلنا بحسن هذا الكذب للإضطرار إليه . ولكن بما أنّ عقل الإنسان العادي ناقص ولا يصل إلى حقيقة الملاكات الواقعية فإنه يخاف من الإفتاء باستحباب هذا وكراهة ذاك وو .. بناءً على حسن هذا وقبح العمل الآخر ...

* * * * *

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 253
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست