اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 252
الشرع .ثم يطرح الإشكال التالي فيقول
: قد عد الحكماء حسن العدل وقبح الظلم من المقبولات ، وذلك لما فيهما منالمصلحة
والمفسدة العامّتين ، ومن الواضح أن المقبولات مادة للقياس الجدلي لاللقياس
البرهاني ، فعندئذ كيف يمكن عدهما من الضروريات والأوليات التي هي مبدأ للبرهان ؟ وأجاب
قائلاً : إنه لا مانع من أن تدخل قضية واحدة من جهة تحت اليقينيات ، ومن جهة أخرى
تحت المقبولات ، وحيث إنهما من القضايا الضرورية التي لا يشك فيهما كل من رجع
إليها ، مع قطع النظر عن المصلحة أو المفسدة ، فهي من الأوليات ، إلا أن هذا لا
يمنع من اندراجها تحت المقبولات لترتب المصالح والمفاسد العامة عليها " .
ووافقه الحكيم السبزواري في (شرح
الأسماء الحسنى) حيث قال : "إنّ منْعَ جزْمِ العقلاء بالحسن والقبح بالمعنى
المتـنازع فيه مكابرةٌ غير مسموعة ، وقد يستشكل دعوى الضرورة في القضية القائلة
بأنّ (العدل حسن) و (الظلم قبـيح) بأن الحكماء جعلوها من المقبولات العامة التي هي
مادة الجدل ، فجعلُهُما من الضروريات التي هي مادة البرهان غير مسموعة .
والجواب : إن ضرورة هذه الأحكام
بمرتبة لا تقبل الإنكار ، بل الحكمُ بـبداهتهما أيضاً بديهي ، غاية الأمر أن هذه
الأحكام من العقل النظري بإعانة العقل العملي ، بناء على أن فيها مصالح العامّة
ومفاسدها ، وجعل الحكماء إياها من المقبولات العامة ليس الغرض منه إلا التمثيل
للمصلحة والمفسدة المعتبر فيه قبول عموم الناس لا طائفة مخصوصة ، وهذا غير مناف
لبداهتها ، إذ القضية الواحدة يمكن أن تدخل في اليقينيات والمقبولات من جهتين ،
فيمكن اعتبارهافي البرهان والجدل باعتبارين" (إنـتهى) .
ووافقهما الشيخ جعفر السبحاني
في كتابه (رسالة في التحسين والتقبـيح) وقال ـ بعد نقل ما نقلناه ـ "وحصيلة
النزاع أنّ المنطقيـين خصّوا اليقينيات بالأوليات والمشاهدات والتجربـيات
والحدسيات والمتواترات والفطريات ، فالبرهان المؤلف من هذه الأمور الستة يفيد
اليقين ، وخصّوا الجدل غير المفيد لليقين بالمشهورات والمسلمات ، وأدخلوا حسن
العدل وقبح الظلم في المشهورات التي لا تـفيداليقين . ولو صح ما ذكروه لانهارت
الأصول التي بني عليها الكلام الإسلامي . ولكن الحق مع المحقق اللاهيجي والحكيم
السبزواري ، لأن مسألة الحسن
والقبح ذات جهتين : فمن جهة هي
داخلة في الأوليات ، ومن جهة أخرى داخلة في المشهورات . أما الأوَّلِيّات : فقد
عرفوها بقولهم : كل قضية تـتضمن أجزاؤها عِلَّيةَ الحكمِ فهي أوَّلِيّة لا يتوقف
العقل فيه إلا على تصور الأجزاء ، ثم مثَّلوا بقولهم (الكل أعظم من جزئه) فإنّ هذا
التصديق
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 252