responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 249

 

3 ـ في الواقع أنّ الإنسان إذا شرب الخمر الواقعي فإنه لا يستحقّ العقاب على نفس شرب الخمر الواقعي ، وإنما يستحقّ العقاب على سوء النيّة فقط ـ كما في المتجرّي تماماً ـ وأمّا شرب الخمر والزنا والسرقة والظلم وو .. فآثارُها الواقعية على المكلّف أو على المجتمع ثابتة خارجاً ، مثال ذلك : لو شرب المكلّفُ خمراً باعتقاد أنه خلّ فإنه يكون قد فعل حراماً واقعاً ، حتى ولو لم تكن هذه الحرمةُ محرّكة ، فليس بالضرورة أن تكون كلّ حرمة محرّكة ، فهي كالقبـيح تماماً ، فقد يكون نفس الشيء قبـيحاً أو حسناً لكن لعدم القدرة عليه أو لعدم العلم بقبحه أو حسنه لا يكون هذا القبح أو هذا الحسن محرّكاً ، وبكلمة واحدة : بما أنّ المكلّفَ جاهل بالخمريّة فهذه الحرمة ستكون فعلية ولن تصل إلى مستوى التـنجيز .

4 ـ إذا حرّم اللهُ تعالى شيئاً فإنما يحرّمه لقبحه الذاتي كقتْلِ الإنسانِ نفسَه ، أو لآثاره كتحريم ما يوجب الإخلالَ بالنظام العامّ من قبـيل السرقة ، لكنك إذا نظرت إلى نفس فِعْلِ التجرّي فإنك لن تجد منهما شيئاً ، إنما الذي تجده سيّئاً وموجباً للعقاب هو فقط سوء النيّة . ولذلك لن ترانا نقول بالحرمة الذاتيّة للبـيع أثـناء النداء لصلاة الجمعة ، وذلك لأنّ الحرمة عرضيّة ولأجل الذهاب إلى صلاة الجمعة لا أكثر ، وهذا ما نعبّر عنه بالحرمة التزاحمية أي في مرحلة الإمتـثال فقط لا في مرحلة الملاك والجعل .

* * * * *

المَقام الرابع : في استحقاق المتجرّي للعقاب وعدمه فنقول

يقول سيدنا الشهيد : "الصحيح هو استحقاق المتجرّي للعقاب كما يتضح بالجمع بين أمرين مضى منّا بـيانهما : أحدهما : ما مضى من أنّ منجزيّة القطع من الأمور الواقعية المستكشفة بحكم العقل المدرِك لحق المولوية ، والثاني : ما بـيناه من أن التجرّي والمعصية متساويان في مخالفة حق المولى الذي هو عبارة عن حق الإحترام ، فكلاهما في رتبة واحدة في مستوى الهتك وترك الإحترام . أما بناء على عدم كون حق الطاعةأمراً واقعياً يدركه العقل بل هو حكم عقلائي ـ كما عليه مشهور الفلاسفة والمحقّق الأصفهاني رحمه الله وخلافاً لما عليه مشهور الأصوليـين ـ فيشكلالقول باستحقاق المتجري للعقاب ، لأنّ المفروض أنّ استحقاقه للعقاب ليس ذاتيا ، وإنّما هو بجعل الشارع .." (إنـتهى) .

أقول : نحن حينما نقول باستحقاق المتجرّي للعقاب إنما نقصد صحّة ذلك وعدالته فيما لو صدر من المولى تعالى ، ذلك لأنه هتك في نفسه حرمة المولى واحترامه ، ونسبة الهتك واحدة في العاصي والمتجرّي ، نظراً إلى أنّ للمولى حقّين : حقّ تحصيل الغرض الذي كلّفنا به ـ وهو طبعاً لصالحنا ـ وحقّ

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 249
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست