responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 250

الإِحترام ، فإن خالف الواقع صدفةً فقد بَقِيَ عليه مشكلة هتك احترام المولى في نفسه ، ولكن هذا لا يمنع أن يلومه الله تعالى فقط ، في الآخرة ولا يعاقبه نظراً إلى أنه لم يصدر منه مخالفة للشيء المحرّم واقعاً ، بل لا يـبعد أن يستحقّ العقابَ أقلّ من العاصي لأنه لم يصدر منه مخالفةٌ للواقع ، رغم أنهما متساويان في نيّة التجرّؤ والمخالفة .

ثم اعلم أنّ الإنسان إنما يستحقّ العقابَ على ظلم المولى تعالى أو على ظلم الغير ، فليس للإنسان أن يظلم غيرَه عقلاً بمعنى أن يتعدّى حدوده العقلية ، فإن ظلم غيرَه استحقّ العقاب عقلاً ، وليس فقط عقلائياً .

وأمّا كيف يستحقّ العبدُ العقابَ فيما لو لم يُرِدِ الصلاة ولا الصيام مثلاً ، فإنّي أرى أنّ ذلك إنما يكون بإجبار الخالق والمالك والمعطي جلّ وعلا ـ وليس من باب وجوب شكر المنْعِم ـ فهو الذي أمرنا وأجبرنا وألزمنا وخوّفنا ، وما ذلك إلاّ ليرحمنا ، ولذلك خلقنا . نعم لا شكّ في أنّ الظالم يستحقّ العقاب أكثر من تارك الواجبات ، ذلك لأنّ استحقاق العقاب على الظلم أمر عقلي ، واستحقاقُ العقابِ على ترك الواجبات أمْرٌ عرَضي لأنه مِن جناب المولى تعالى ، ولذلك يستحقّ المطيعُ الثوابَ على فعل الواجبات ، ويستحقّ أكثر على المستحبّات ، أمّا ترك الظلم فلا يستحقّ الإنسان عليه الثوابَ ، أوّلاً لأنه أمْرٌ عدمي ، وثانياً لأنّ ترك الإعتداء حقّ عقليّ عليه .

ثم اعلم أنّ قولنا (الأحكام العقلية) نقصد به محض التعقّل ، فالعقلُ يتعقّل الاُمورَ ويتعقّلُ المصلحة والمفسدة والحسن والقبح ، والعقلُ ـ أو قُلْ العاقلةُ ـ لا يحكم وإنما يُدرِكُ ، نعم قد يحكم الحاكم من خلال عقله العمَلي . والأحكام العقلية هي ما يستلزم خلافُها التـناقضَ ، فمثلاً قولُنا (الكلّ أكبر من الجزء) هو حكم عقلي ، وذلك لأنّ نقيضها هو (ليس الكلّ أكبر من الجزء) وهذا باطل عقلاً ، فإذن الأوّل حكم عقلي ، مثال آخر : قولنا (الأربعة زوج) حكم عقلي واضح ، وذلك لأنّ نقيضها هو (ليست الأربعة زوجاً) وهو باطل عقلاً ، وكذا في مثل (زيد موجود) و(هو معدوم)، وكذلك (العدلُ حَسَنٌ) و (الظلمُ قبـيحٌ) .

 

* وهنا قد تـتساءل عن تصنيف حكم العقل ـ في قولنا "يحكم العقلُ باستحقاق المتجرّي العقابَ" ـ هل أنـنا نعتبره من الأوّليّات اليقينية ، أم أنّ هذا الحكم العقلي هو من المشهورات التي توافق عليها العقلاء فقط ، وليس لها رصيد إلاّ تبانيهم على ذلك فهو من باب الجدل فقط، لا من باب البرهان ؟

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 250
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست