responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 213

 

ثم اعلم أنـنا نؤكّد على فكرة أنّ المنظور إليه في هذا الكلام إنما هو في مرحلتَي التصوّر والتصديق ، وذلك لأنك قد ترى إنساناً ـ كالكافر مثلاً ـ يدّعي أنه لا يؤمن ـ أي لا يصدّق ـ بما تقوله له من مقتضى مقدّماتٍ مقطوعةٍ ، فهذا إذا تصوّر المقدّمات القطعية ولم يتصوّر نـتيجةَ القياس فلا شكّ أنّ في عقله خللاً ، وليس نظرُنا إلى هكذا صنف من الناس ، لا ، بل إنهم ـ إن كانوا عقلاء ـ مؤمنون بالنـتيجة واقعاً، وإن كانوا يُنكرون ذلك ظاهراً لأنّ في قلوبهم مرضاً .

ورغم وضوح الأمر قال سيدنا الشهيد بأنّ "الحجيّة ـ بمعنى التـنجيز والتعذير ـ ليست من ذاتيّات القطع ، وإنما هي من ذاتيات مولوية المولى"[186] .

أقول : ما قاله سيدنا الشهيدصحيح في نفسه ، ولكن قبل ذلك لا بدّ من توضيح النقطة التالية :

إنّ المراد من الحجّة في علم الاُصول هو المنجّز والمعذّر ، فبناءً على هذا الإصطلاح الخاصّ وهذا المعنى الخاصّ لا بدّ من القول بأنّ الحجّة هي من ذاتيّات القطع من جهة المولى فقط ، سواء كان المولى حقيقياً أو عرفيّاً كربّ العمل ، أمّا إذا قطع الإنسان أن ولده يريد منه هدية معيّنة فلا يكون هذا القطعُ منجّزاً عليه ، وإذا قال لك ولدُك أو خادمُك لا يجب أن تـفعل هذا الأمر الفلاني ، فإنّ قطعك هذا لا يكون معذّراً لك ، إذن القطع المنجّز والمعذّر ـ وبكلمة واحدة القطع الحجّة ـ لا يكون إلاّ القطع من قبل المولى تعالى ، وهذا هو مراد سيّدنا الشهيد رحمه الله تعالى .

أمّا لو فرضنا أنّه لا داعي لتـفسير الحجيّة بمعنى التـنجيز والتعذير ـ كما هو الحقّ ـ وإنما معناها هو المعنى اللغوي العرفي المعروف وهو ما يترتّب عليه من لوازم ذهنية كالخوف واصفرار الوجه ـ الذي هو من لوازم الخوف ـوكعدم دخول الإنسان في الغابة ـ حتى ولو كان كافراً ـ إن قَطَعَ بوجود أسد في الغابة ـ وهو أيضاً من لوازم الخوف ـ والرجاء والضحك، فلن يكون كلام سيدنا الشهيد صحيحاً .

والظاهر أنه لا داعي لئـن يعني سيدُنا الشهيد بـ (الحجيّة) معنى المنجّز والمعذّر فقط حتى يقول ما قاله ، والأحسن جداً أن نبقى على المعنى العرفي المعروف في معنى الحجّة ، وح نقول بأنّ الحجيّة من اللوازم العقلية الذاتية للقطع ، وبالتالي سنقول إنه لا ربط لمولويّة المولى تعالى بحجيّة القطع ، وحتى لو فرضنا أنه لا مولويّة لله تعالى ـ والعياذُ بالله ـ لا نستطيع أن نسلب الحجيّةَ عن القطع ، لأنه ح سيكون أمْراً لا ربط له بمولوية المولى ، وإنما حجيّة القطع جارية في كلّ علوم العالَم . فمثلاً : لو قال


[186] مباحث الأصول ج 1 من القسم الثاني ص 222 ، كما أنّه قال نفس هذا الكلام في حلقات اُصوله .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 213
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست