اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 214
لك ولدُك "أعطني
ديناراً" لقطعتَ بما قاله ، مع أنك قد لا تُعطيه ، فلا استلزام بين قطعك بما
قاله وبين إطاعتك إياه ، أي أنّ أمْر ولدِك لك لا ينجّز عليك التكليف ، لكنه مع
ذلك لا تُسلب الحجيّة ـ حتى في هذه الحالة ـ عن القطع .
نعم لا يجب إطاعةُ غيرِ المولى
، لكنْ أيُّ ربْطٍ لقولنا (القطعُ حجّةٌ بذاته) بقولنا (لا يجب إطاعةُ غيرِ
المولى) ؟!
ثم اعلم أنّه لا يلزم القطعَ
إلاّ الحجيّةُ ، ولا يلزمه تكويناً العملُ ، فإنك قد ترى المرأة المسلمة مثلاً
تقطع بوجوب الحجاب ولكنها مع ذلك لا تعمل بقطعها ولا تـتحجّب ، إذن لا يمكن ادّعاء
لزوم العمل بالقطع ، وإلاّ لسُلِب اختيارُ الإنسان .
ثم اعلم بأنّ العقل لا يحكم ،
وإنما يدرك لا أكثر ، وأمّا الذي يحكم هو الحاكم لا العقلُ ، فأنت تدرك بعقلك أنّ
الأمر الفلاني حسن ، وأنّ الحسن عدل ، وبالتالي أنّ الأمر الفلاني عدل وينبغي
فعلُه .
الثالث : جعْلُ الحجيّةِ للقطع ورفْعُها
وبعد هذا يـبقى أن نرى أنّ هذه
الحجيّة هل هي قابلةٌ للجعل التشريعي أو لا ؟ وهل هي قابلةٌ للردع ـ أي هل يمكن
النهيُ عن العمل بالقطع ـ أو لا ؟
فهنا مسألتان :
الاُولى : إنّ حجيّة القطع غير
قابلة للجَعْل التشريعي ، لما عرفتَ من أنها أمْرٌ عقليٌّ محض ، لا معنى لجعْلِ
المولى تعالى لها ، لأنه محضُ لغوٍ ، لأنّه لو لم يكن القطعُ حجّةً فتشريعُ المولى
لحجيّته لا ينفعنا شيئاً ، لأنّ تشريع المولى ح لحجيّة القطع إنما يفيدنا القطع لا
أكثر ، والمفروض عدمُ حجيّة القطع ، إذن فلن يفيدنا تشريعُ حجيّةِ القطع شيئاً ،
ولذلك ترى كلّ العقلاء يقولون بأنّ حجيّة القطع ذاتيّة ، أي لا تقبل الإنفصال
عقلاً ، وإنما قلنا (ذاتية) لأنّ الحجيّة ظِلّ للقطع ولا ينفصل عنه ، أو
قُلْالحجيّةُ معلولةٌ للقطع كما كان الحال في التلازم بين الأربعة والزوجية تماماً
.وبتعبـير آخر : إنّ معنى (القطع حجّة) أي أنّ القطع يترتّب عليه مقتضاه في عالم
العقل ، حتى ولو لم يطع الإنسانُ مولاه في الخارج وعصى مقتضى قطعه ، فالحجيّةُ ما
هي إلاّ أثرٌ ذهنيٌّ عقليٌّ يترتّب تلقائياً على القطع . فمثلاً : لو قطعتَ أنّ
الذي أمامك حجر أو زبالة أو سمّ فالأثرُ العقلي لهذا القطع هو أنك لن تُقْدِمَ على
أكلِه ، ولو
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 214