responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 158

في جلسة أخرى "تصدّقْ بخمسة دراهم أو بعشرة دراهم" . نعم ، إذا دلّ العدد المذكور في موضوع الحكم إذا دلّ على توقّف طبـيعي الحكم على العدد المذكور كان لجملة العددِ مفهومٌ .

بـيانُ ذلك : قال الله تعالى[ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوَهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةًوَلاَتـقبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً،وَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ (4) [136]، فهل لهذه الآية الكريمة مفهومٌ ؟! وموثّقة عمّار عن قدح أو إناء يشرب فيه الخمر ؟ فقال t: تغسله ثلاث مرّات ، سُئِلَ : أيُجزيه أن يصبّ عليه الماء ؟ قال : لا يجزيه حتّى يُدَلِّكَه بـيده ويغسلَه ثلاث مرّات [137] هل لها مفهوم ؟! وكذا سائر التحديدات الشرعيّة مثل ما ورد في تحديد مسافة السفر ، ومقدار الكرّ ، وبلوغ الصبي والفتاة ، وتحديد الزكاة ، ومقدار الرضاعة المحرّمة ، وتحديد الديّات والعقوبات كمقدار القطع ... هل لها مفهوم أم لا ؟

الجواب : ذِكْرُ العددِ في الشرع فيه تفصيلٌ ، فتارةً يُفيد حصرَ طبـيعيّ الحكمِ بموضوع معيّن وعدد معيّن فيكون للعدد مفهوم ، وتارةً لا يفيد ذلك ، وتارةً يُفهم منه الحصرُ من جهة الأكثر ، وتارةً يُفهم منه الحصر من جهة الأقلّ ، بمعنى أنه لا يجوز الأكـثر كما في باب العقوبات كمسألة الجلد ومسألة القطع ، وقد لا يجوز الأقلّ كما ورد في مسألة عدد الغسلات في أواني الخمر هو أيضاً للتصريح بالعدد ولأصالة عدم حصول التطهير بأقلّ من ذلك .

وما يهمُّنا في هذا البحث هو أنْ نقول بأنّ هتين المسألتين ـ الجلْد والتطهير ـ أشبهُ شيءٍٍ بالوصف ، ولذلك لا يكون لها مفهوم ، لأنّ قولك "إجلدْهُ ثمانين جلدة" لا يدلّ على حصر طبـيعي الحكم على عدد معيّن ، فهي بمثابة قولنا "إركع ركوعاً واحداً وسجدتين" و "صَلِّ إلى القبلة" ، وهكذا جملٌ لا مفهوم لها ، رغم أنها تمنع من الزيادة أو النقيصة . وبتعبـير آخر : عدمُ جواز الجلد أكثر ممّا ورد في الشرع هو لأصالة عدم جواز الجلد ، وهذا ليس مفهوماً ، وكذا قولُك "إغسل أواني الخمر ثلاث مرّات" يعني عدمَ وجوب الزائد ، وهو بمثابة قولك جِئـني بكتاب وكقولك جئـني بعشرة كتب ، فلا يوجد في مدلولها المطابقي أيُّ دليل على انحصار طبـيعي الحكم بعدد معيّن . وعدمُ الإكتفاءِ بأقلّ من ثلاث غسلات ليس هو من باب وجود مفهوم لهذه الجملة ، وإنما هو من باب تعيين المأمور به وتشخيصه ، ولذلك كان غيرُ الممتـثِلِ يستحقّ العقاب . مثال آخر : لو قال لك المولى "إضربْ فلاناً


[136] سورة النور .

[137] ئل 2 ب 51 من أبواب النجاسات ح 1 ص 1074 .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 158
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست