اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 151
* * * * *
مفهوم الجملتين الوصْفِيّة
واللقبـية
قد يقول المولى "أكرِمِ
الفقيرَ العادلَ" فهل هذه الجملة الوصفيّة تـفيد معنى "إن لم يكن الفقير
عادلاً فلا يجب إكرامه بأيِّ ملاك آخر" ؟ وبتعبـير آخر : هل قولُه
"أكرِمِ الفقيرَ العادل" تفيد معنى "لا يجب إكرام الفقير أصلاً
وبأيّ ملاكٍ إلاّ إذا كان عادلاً" ؟ وبتعبـير ثالث : لو ورد روايةٌ أخرى تـقول
: "أكرِمِ الفقيرَ الهاشمي" ، فهل تـتعارض هاتان الروايتان ؟
من البديهي ـ كما قلنا في
الجملة الشرطيّة ـ أنه إن لم يَرِدْ إلاّ جملةُ "أكرِمِ الفقيرَ
العادلَ" فسوف لن يـبقَى محلّ للشكّ والإشكال في عدم وجوب إكرام الهاشمي ،
وذلك لفرض عدم ورود إكرام الهاشمي في رواية ، وإن لم نجد فقيراً عادلاً وإنما
وجدناه فاسقاً فإنّ الحكم الشخصي لن يتحقّق .
وأمّا إن ورد رواية صحيحة ثانية
تـقول "أكرِمِ الفقيرَ الهاشمي" فكلّ العلماء يَجمَعون بين الجملتين بـ
(و) طبقاً للفهم العرفي ، كما قلنا في الجملة الشرطيّة تماماً ، ممّا يعني أنّ
لكلّ موضوع حُكمَه الشخصي . وبتعبـير آخر : الجملة الوصفيّة هي بمثابة الجملة اللقبـية
، فقولك "أكرم الفقير العادل" بمثابة قولك "أكرم هؤلاءِ" أو
"أكرِمْ هذا الصنفَ مِن الناس" ، أي أنه ليس هناك توقّف لطبـيعي الحُكْم
على العدالة ـ كما كان الأمر في الجملة الإنحصاريّة ـ وإنما هناك نظر إلى صنف
معيّن من الناس . ولك أن تـقول : إنّ بين الإكرام والفقير نسبةً ناقصة ، وبين الفقير
والعادل أيضاً نسبة ناقصة تـقيـيديّة ، وبالتالي فكأنّ المتكلّم قال : أكرمهم أو
تصدّق عليهم ، من دون أيّ دالّ على توقّف طبـيعي الحكم على الشرط . ولذلك قال
العلماء إنه لا مفهوم للجملة الوصفيّة .
* وبعدما عرفت عدمَ وجودِ مفهوم
للجملة الوصفيّة لا يـبقى مجالٌ للبحث في احتمال وجود مفهوم لـ جملة اللقب كقولنا "أكرم
العالِمَ" ، وذلك لوضوح أنّ هذا القولَ لا يُفيدنا انحصارَ طبـيعي وجوب
الإكرام بـ (العالِم) ، فهو لا يفيدنا معنى "لا يجبُ إكرامُ أحدٍ في العالمين
أصلاً وبأيّ ملاكٍ إلاّ إذا كان عالماً" ، وإنما يفيدنا معنى "أكرِمِ
العالِمَ" فقط ، أي يفيدنا حكماً خاصّاً ناظراً إلى موضوع خاصّ ، ولا يـنفي
مجيءَ حكمٍ آخر يفيدنا وجوبَ إكرام الفقير ، ومجيءَ حُكْمٍ ثالث يفيدنا وجوبَ
إكرام الهاشمي ... وأنت تعلم أنّ المراد من مفهوم اللقب هو نـفْيُ طبـيعيّ الحكم
عمّا لا يتـناوله اللقبُ . والنـتيجةُ في جملة اللقب هي أيضاً عدم وجود مفهوم
لها .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 151