اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 149
مفهوم الجملة الشرطيّة
مثال الجملة الشرطيّة من القرآن
الكريم قولُه تعالى [أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنـتم مِّن وُجْدِكُمْ ، وَلاَتُضَارُّوهُنَّ لِتُـضَيِّقُوا
عَلَيْهِنَّ ،وَإِن
كُنَّ أُوْلاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ، فَإِنْ
أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ،وَأْتَمِرُوا بـينَكُم بِمَعْرُوفٍ ، وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ
لَهُ أُخْرَى (6) [116]
،
والسؤال هنا : هل تدلّ الجملة الشرطيّة على الإنحصار ؟ فلو وَرَدَنا : إنْ نجح
زيدٌ فأكرِمْه" و "إن كان العالمُ عادلاً فأكرِمْه" ، هل الجمل
المذكورة هي بقوّة "لا يجب إكرامُ زيدٍ إلاّ إذا نجح" و "لا يجبُ
إكرامُ العالِمِ إلاّ إذا كان عادلاً" ؟ أي هل يَتبادر الذهنُ إلى معنى
الإنحصار المذكور ؟ وبتعبـير آخر : هل هناك تعارضٌ بين قول المولى "إن كان
العالم عادلاً فأكرمه" وبين قوله "إن كان العالم هاشميّاً فأكرمه"
وقولِه "إن كان العالِمُ أسودَ اللونِ فأكرِمْه" ؟ أي هل تشعر
بالمجازيّة مع تعدّد الجمل المذكورة ؟
لا شكّ أنّ التوقّف في الجملة
الشرطيّة موجود ، وإلاّ فلا معنى لأداة الشرط ، لكنَّ السؤالَ هو : هل تفهمُ من
الحكم ـ في الجملة الشرطيّة ـ الطبـيعي ، أم تفهم منه شخصَ الحكم ؟ وما هو الأصلُ
العرفي أو العقلي في ذلك ؟ ومع الشكّ ما هو القدر المتيقّن ؟
مثال آخر : لو ورد "إن
خفيت الجدران فقصّرْ" وورد "إن خَفِيَ الأذانُ فقصّرْ" ، فهل تشعر
بالمجازيّة أي بالتعارض ، أم أنك تَجمعُ بـينهما بـ (أو) ؟
الجواب : تارةً لا يَرِدُ معارِضٌ
للرواية ، فلا إشكال في تمسُّكِ كلِّ العلماء ح بالرواية الموجودة ، ولا خلاف هنا
في استفادة المفهوم منها ، ولو من باب عدم وجود علّة أخرى للحكم ، إذ لو كان في
ذهن المولى علّةٌ أخرى أو جزء علّة متمّم للعلّة المذكورة لَوَجَبَ ذِكْرُها ، فنـتمسّك
بالإطلاق لنفي احتمال وجود علّة أخرى أو جزء آخر متمّم للجزء المذكور . وفي هكذا
حالة يفهمون معنى الإنحصار الذي فهمناه من روايات بلوغ الجارية .
وتارةً يَرِدُ روايةٌ صحيحة
معارِضة ، فح يَجمع العلماءُ بـينهما بـ (أو) طبقاً للفهم العرفي ، وهذا يعني عدمَ
إيمانِهم بوجود مفهوم للجملة الشرطيّة . بتعبـير آخر : لو وَرَدَ "إن كان العالِمُ
عادلاً فأكرمه" و "إن كان العالم هاشميّاً فأكرمه" فإنّ العرف يحملون
كلّ حكم على الحكم الشخصي ،