اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 145
النكرة في سياق النهي أو
النفي
قد يقول الآمِرُ "لا
تظلِمْ" ، وهذا نهيٌ عن طبـيعة الظلم ، فكأنّ الآمِرَ قال "الظلمُ
منهيٌّ عنه" أو "الظلم حرام" ، أي أنّ النهي متوجّهٌ نحو طبـيعة
الظلم ، وهو بمثابة قولنا "الصلاة واجبة" و "التصدّق مستحبٌ"
، فالنهيُ المذكور إذن يفيد النهي عن الطبـيعة ، كما يفيد الأمْرُ بالصلاة الأمْرَ
بالإتيان بطبـيعة الصلاة ، فالنهيُ المذكور إذن يَدِلُّ على الشمول بالإطلاق ـ
لأنّ النهي كان عن الطبـيعة ، وترْكُ طبـيعةِ الظلمِ يقتضي ترْك كلِّ أفرادها ـ ولا
يدلّ على الشمول بالعموم اللفظي ، بمعنى أنـنا لم نستـفد الشمولَ من حاقّ اللفظ ،
وإنما استـفدنا الشمولَ مِن لابُديّة ترْكِ كلّ أفراد الظلم حتى يتحقّق ترْكُ طبـيعةِ
الظلم .
وقد يقول المولى "لا ضررَ ولا
ضِرارَ في الإسلام" و [ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ] [113]وهذان يفيدانِ نفْيَ
وجودِ حُكْمٍ ضرريّ أو حرجيّ في الإسلام ، فالمنفيُّ هو طبـيعة الضرر والحرج ،
فيكون المنفي إذن ـ وهو مطلق الضرر والحرج ـ مدلولاً عليه بالإطلاق ـ لا بالعموم
اللفظي ـ ، لأنّ المنفي هو طبـيعة واحدة ، لا أفراد متكثّرة في مرحلة التصوّر ـ أي
قبل الكلام ـ . نعم نحن نستفيد الشمولَ من التحليل العقلي لنفي الطبـيعة ـ لا مِن
نفس اللفظ ـ فنقول : لا تـنفَى الطبـيعةُ إلاّ بنفي كلّ أفرادها ، ولذلك قال
علماؤنا : إنّ النكرةَ
في سياق النهي أو النفي ليست من أدوات العموم ، ولا تـفيد العمومَ مِن خلال اللفظ ، وإنما تفيد الشمولَ
بالإطلاق وقرينة الحكمة .