اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 138
نعم ، هو من جهة شموليٌ ، لأنّ النهي
عن الطبـيعة يقتضي النهي عن كلّ أفرادها ، فإنّ المعنى يكون هكذا : "لا تحْدِثْ
بأيّ حدث وفي أي وقت" فكلّ حدث هو منهيّ عنه ، لكن إن أحدث أو تكلّم ولو
مرّةً واحدةً فقد وقعت الواقعة وتحقّقت الطبـيعةُ ، ولا فائدة بعدئذ من عدم التكلّم ، لأنّ
الصلاة قد فسدت ، لذلك اعتبر العلماء هذا النحوَ من النهي داخلاً في البدليّة ،
باعتبار الأثر ، لأنه عمليّاً نهيٌ واحد ، ولا معنى لبقاء النهي بعد ارتكاب الطبـيعة
المحرّمة .
الفرق بين الماهيّة الشاملة
والماهيّة المهمَلة
الماهيّة المطلـَقة على
نحوين : فإمّا أن تـفيد الشمولَ وإنما أن تكون مهمَلةً .
بـيانُ ذلك : إذا كان المتكلّمُ في
مقام بـيان موضوع الحكم وتفاصيله ، أو على الأقلّ يُحتمَل أن يكون في مقام بـيان تمام
الموضوع ، فإنه يستفاد من إطلاق كلامِه الشمولُ أو البدليّة ، وفي هكذا حالة نطلق
على موضوع الحكمِ تعبـيرَ (الماهيّة الشاملة) ، إشارةً إلى استفادة الشمول من إطلاق
الماهيّة ، لكون المتكلّم في مقام البـيان أو يحتمل أن يكون في مقام البـيان ،
مثالها قول المولى لخادمِه وهو في مقام البـيان للعمل : "أكرِمِ
العالِمَ" .
وأمّا إن لم يكن المتكلّمُ في
مقام بـيان تفاصيل موضوع الحكم فإنّ السامع لا يستفيد من إطلاق كلام المتكلّمِ
الشمولَ ولا البدليّة ، وإنما يستفيد إرادةَ أصل الحكم فقط ، وفي هكذا حالة يكون
موضوع الحكم مهمَلاً ، ويطلقون عليه إسمَ (الماهيّة المهمَلة) ، فالماهيّةُ المهملة
هي التي يفيدها اللفظُ الصادر من المتكلّم الذي لا يكون في مقام بـيان جميع
التفاصيل ، وإنما يكون في مقام بـيان أصل الحكم ، ولذلك لا يستفاد من الإطلاق ـ في
هكذا حالة ـ الشمولُ ولا البدليّة .
مثلاً : قولُ الله تعالى [ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَوَآتُوا الزَّكَاةَ ] [109] ليس في مقام بـيان
تفاصيل الصلاة والزكاة ، وإنما هو في مقام إفادة أصلِ وجوبهما ، كلمةُ [الصلاة]
هنا مطلقةٌ مِنَ القيود ، ومع ذلك هي ماهيّة مهمَلة من حيث الحدود . وكذا في كلام
العرف ، فلو قال
الأبُ لأولاده "تصدّقوا على الفقير واعطفوا على المسكين وعاشروا الزوجةَ
بالمعروف وساعدوا المحتاج ..." فإنه لا يستفاد منها الشمول لكلّ فقير ومسكين وزوجة
ومحتاج ، وذلك لأنّ المولى ليس في هكذا سياق في محلّ بـيان