responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 137

 

وإنما يَنـتجُ الشموليُّ في بعض الأحيان ـ كما في أكرِمِ العالِمَ ـ فلأنّ ( الـ ) يفيد التعيين ، أو قُلْ يفيد فرداً معيّناً من العلماء ، وبما أنه لا فرد معيّناً ، فيتعيّن أن يكون المراد المرتبةَ الأخيرةَ من مراتب العلماء ، وهي كلّ أفراد العلماء . وجه آخر : يصدق على كلّ فرد من أفراد العلماء كلمة "العالم" ، فيجب إذن إكرامُه . ومثلُه تماماً قولُنا "لا تكذِبْ" فإنّ معناه "لا ترتكب الكذبَ" أو "الكذبُ حرام" ، وبما أنه لا فرد معيّناً في البين من أفراد الكذب ، فيتعيّن أن يكون المراد من "الكذب" المرتبةَ الأخيرة وهي كلّ أفراد الكذب . وجه آخر : قولُنا "لا تكذب" معناه "لا ترتكب الكذبَ" فهو يفيد النهي عن إيجاد طبـيعة الكذب ، وطبـيعةُ الكذب لا تـنـتـفي إلاّ بانـتـفاء جميع الأفراد ، وهو وجه عقلي . وجهٌ عقلي آخر : إنّ بعض أفراد الكذب منـتفية قطعاً ، فلا فائدة إذن من النهي عن الكذب إلاّ بالإنـتهاء عن جميع الأفراد ، وإلاّ فلو اكتُفِيَ بالإنـتهاء عن كذبة واحدة لقلنا الكذبة الواحدة منـتفية تلقائياً كما في أثـناء النوم وكما لو لم يمكن له الكذب وكما لو كان الصدق لمصلحته .

ولعلّك تعلمُ أنّ كلمة (العالِم) ـ في مثال "أكرمِ العالِمَ" ـ تفيد الطبـيعة فقط ، بمعنى أنّ المتكلّم ـ عند عمليّة التـقنين ـ إنما تصوّر الطبـيعةَ فقط ـ ولم يتصوّر الشمولَ ـ ، لكن في مرحلتَي الفعليّة والتـنجّز تفيد "أكرم كلَّ عالم ، هذا وذاك وذلك ..." ، ولذلك ترى العرفَ يفهمون منها ـ بالتحليل والتأمّل ـ الشمولَ والتكـثّر ، وليس نظرهم إلاّ إلى مرحلتَي الفعليّة والتـنجّز .

والأثرُ في الشمولي هو أنّ الإمتـثال يوجب استحقاقَ تعدّد الثواب ، وفي ترك امتـثال إكرام العلماء يوجب استحقاق تعدّد العقاب ، وكذا في الكذب ـ فِعْلاً أو تركاً ـ يوجب تعدّدَ الثواب والعقاب ...

وأمّا في "أكرِمْ عالماً" فإنّ التـنوين يفيد ـ في اللغة ـ معنى الوحدةَ ، أي يكفي إكرام عالمٍ واحدٍ ، فالحكم إذن واحد ـ بخلاف الشمولي ـ . وجهٌ آخر ـ وهو وجهٌ عقليّ ـ : قولُنا "أكرِمْ عالماً" و "تصدّقْ" و "صَلِّ" يفيد لزومَ إيجاد الطبـيعة ، ويُكتفَى في إيجاد الطبـيعة بإيجاد فرد واحد .

والأثر هو أنه إنْ أكرَمَ عالماً فقد امتـثل ، ويستحقّ ثواباً واحداً ، وإن تَرَكَ امتـثالَه فهو يستحقّ عقاباَ واحداً فقط .

ومثلها تماماً ما لو كان النهيُ بدلياً كما لو قيل لنا "لا تُحْدِثْ في الصلاة" أو "لا تـتكلّمْ في الصلاة" ، فالمنهيّ عنه هو طبـيعة الإحداث وطبـيعة التكلّم ، بحيث لو أحدث المصلّي أو تكلّم فقد تحقّقت الطبـيعة ، وبالتالي لا فائدة من عدم الإحداث وعدم التكلّم ، لأنّ الطبـيعة قد تحقّقت ، لذلك يرتفع النهيُ ويستحقّ عقاباً واحداً لا أكثر ، لأنه حكم واحد لا أكثر .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 137
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست