اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 131
بوضوح ـ هي أيضاً إرشاد إلى شدّة
مصلحة الصلاة وإلى كونها مقرّبةً إلى المولى تعالى جداً ، كما أنّ الأوامر
العباديّة الندبـية ـ كالأمر بالنوافل وقراءة القرآن وتسبـيحة السيدة الزهراء (س)
ـ هي مولويّة من جهةٍ لأنها صدرت من المولى تعالى وإرشاديّة من جهة أخرى من باب
أنها مقرّبة جداً إلى الله جلّ وعلا ، والأمْرُ بالوضوء هو إرشاد إلى اشتراط
الصلاة بالطهارة ، وهو مولويّ شرعيّ لأنه صادر من المولى ولولا ذلك لما أدركه العقلُ بنفسه ... ولذلك ـ وبعد هذا التداخل ـ
يجب الإقتصار على ما لا شكّ فيه من أنه إرشادي محض كالأمر باستـقبال الذبـيحة إلى
القبلة وكالأمر بغسل الثياب وكالأوامر العقليّة المحضة ، وكنهي الله تعالى لآدم tعن الهبوط إلى الأرض فإنه نهي إرشادي ... أمّا الأمر بالتـنـفّل ونحو
ذلك من مخترَعات شرعيّة فينبغي إدخالها في الأوامر النفسية المولويّة الشرعيّة . ولا
ينبغي التطويل وإتلاف الأعمار في هكذا اصطلاحات أكثر ممّا ذُكِرَ، ومن شاء فليراجع
المطوّلات[100].
* * * * *
بعد الإنـتهاء من مباحث الأوامر
نـنظر إلى بقيّة مباحث الألفاظ وهي :
الإطلاق
والتـقيـيد
إن تصوّرتَ مفهوماً ما ولم تـتصوّر
معه قيداً ما ، فهذا التصوّر مطلق ، أي غير مقيّد ، وذلك كما لو تصوّرتَ الفقير ،
من دون أن تـتصوّر مع الفقير كونَه هاشميّاً مثلاً ، فهذه الماهيّة المتصوّرة مطلقة
، وأمّا إن تصوّرتَ معها بعضَ القيود ـ ككونه هاشمياً مثلاً ـ فهي ماهيّة مقيَّدة
.
من هنا تعلم أنّ الإطلاق إنما
يكون في عالم التصوّر فقط ، أي في الذهن فقط ، ولا يكون المطلق في الخارج أصلاً
وأبداً ، إلاّ اللهَ جلّ وعلا ، ففي الخارج يكون الفرد مقيّداً بلوازمَ وعوارضَ
قهريّةٍ ، وذلك لأنّ كلّ فرد خارجي ـ ما عدا الباري تعالى ـ يكون له ماهيّة ، أي حدود
، مِن كمٍّ وكيف ووَضْعٍ وزمانٍ وو .. ، أمّا الباري تعالى فماهيّتُه عينُ وجودِه
، فهو المطلق من كلّ قيد ، وما عداه مقيّد بماهيّة ، حتى ولو كان الصادرَ الأوّل .
ولم يتعرّض علماؤنا للباري عزّ وجلّ وخلْقِه في هذا البحث ، لأنّ كلامنا إنما هو
في المفاهيم الذهنيّة ، وليس في الوجودات الخارجيّة .