responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 130

، أو لمصلحة المجتمع ، أي أنّ المولى جلّ وعلا هو يريد الصلاة والصيام وغير ذلك من عبادات ، وهو يريد تـقليل الطلاقات بين الأزواج ، فألزم بوجود رجلين عادلين وغير ذلك ، وفي البـيع ألزم بمعرفة المبـيع والثمن وبكون المبـيع قابلاً عقلائيّاً للبـيع والشراء ... وفي الإجارة أوجب تعيـين مدّة الإجارة والأجرة ... ، كلّ ذلك لأجل مصلحة المجتمع . وأمّا في الإرشاد فهو إمّا لمصلحة عائدة إلى العبد المأمور ـ كقول الطبـيـب لمريضه المصاب بقرحة المعدة "لا تأكلِ الحامِضَ" ـ وإمّا إلى لمصلحة اجتماعيّة كالأوامر الأخلاقيّة .

*والسؤال المهم في هذا البحث هو : إنـنا بعدما عرفنا أنّ صيغة الأمر ـ سواءً كانت نفسيّة أو إرشاديّة ـ تـفيد الطلب ، ويُحتمَلُ أن يكون الطلب نفسيّاً وإرشاديّاً ، فمع التردّد بـينهما ، ما هو الأصلُ ؟

لا شكّ أنّ نفس استعمال صيغة الأمْرِ تـنصرف عند العرف إلى خصوص الطلب النفسي ، هذا الإنصرافُ ليس مستـندُه الغلبةَ ، لأنّا لو فرضنا أنه لم يُخلَق بعدُ أيُّ إنسان ، ولم يَطلُبِ المولى هذا الطلبَ بعدُ ، فأمَرَ حينـئذ به ، وكان هذا الطلبُ أوّلَ طلبٍ صادرٍ منه تعالى ، فح لا شكّ أنه يظهر من نفس صيغة الطلب خصوصَ الطلب النفسي ، هذا أوّلاً .

ثانياً : إنّ الإرشاديّة بحاجةٍ إلى قرينة واضحة ، والإرشاديّةُ غريـبة عن الفهم العرفي ، فأنت إذا أمرك المولى تعالى بالصلاة فلم تمتـثل بذريعة أنك احتملتَ أنه يريد الصلاة لمصلحتك ، فأنت ـ بنظر كلّ العقلاء ـ تستحقّ العقاب .

وثالثاً : إنّ العقلاء يرَون أنّ ظاهر حال المتكلّم من الطلب ـ مع عدم وجود أيّ قرينة ـ هو الطلب النفسي المنصرف إلى خصوص معنى الإلزام أي هو يريد ذلك ، مع غضّ النظر عن مصلحة العبد .

* بعد هذا البحث لا بأس أن نشير بأنّ العلماء اختلفوا في تسميّة ما يقابل الأوامر الإرشاديّة ، فمنهم مَن عَبَّرَ بتعبـير الأوامر النفسيّة ، فالأمر بالوضوء كما في آية الوضوء هو أمر غيري يرشدنا إلى الشرطيّة ، والأمر بالصلاة هو أمر نفسيّ لا يرشدنا إلى شيء آخر ، ومنهم مَن عبَّرَ بالأوامر المولويّة ـ كالسيد الخوئي والعلاّمة الطباطبائي ـ معتبراً أنّ الأوامر الإرشاديّة هي إرشاد إلى حكم العقل لا أكثر ، أي أنّ حكم المولى فيها لا تزيد عن حكم العقل ، فهي إذن محضُ نصح وتـنبـيه وإخبار لا مولويّة فيها ، وأمّا الأوامر المولويّة فهي أوامر مُلْزِمَة ، فهي إذن مخترَعة مِن قِبَلِ الباري سبحانه وتعالى ، ومنهم من عبّر بالأوامر الشرعيّة .

*ملاحظة : لا يخلو بعض ما ذكرناه من نَظَرٍ ، فإنّ الأوامر الشرعيّة الإلزاميّة هي أوامر إرشاديّة من جهة ، وذلك لأنّ قول الآمِرِ جلّ وعلا [ أقيموا الصلاة ] هي ـ فوق أنها أمْرٌ شرعيّ مولويّ نفسيّ

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 130
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست