اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 132
* وقد وقع الكلام في أن اسم الجنس ـ
كالإنسان والفقير والعالِم ـ هل هو موضوع للمعنى الملحوظ بنحو الإطلاق فيكون الإطلاق
قيداً في المعنى الموضوع له ـ كما كان الرأيَ السائدَ قَبل زمان سلطان العلماء ـ أم
هو موضوع لذات المعنى الذي قد يطرأ عليه الإطلاقُ تارة والتـقيـيد أخرى ـ كما هو
رأي سلطان العلماء وإلى زمانـنا هذا ، كالمحقّق النائيني والسيد الخوئي وغيرهما [101] ـ ؟
لا شكّ في أنّ الصحيح هو الثاني
، وهو
أنّ اسم الجنس موضوعٌ لذات المعنى الذي قد يَطرأ عليه الإطلاقُ تارةً والتـقيـيد أخرى ، أي أن إسم الجنس
كالإنسان ـ مثلاً ـ موضوع لماهيّة الإنسان المهمَلةِ من الإطلاق والتـقيـيد ، ولذلك يصحّ أن
يقيَّد من دون أن نقع في المجاز ، أمّا لو كان الإطلاق داخلاً في المعنى ثم
قيّدناه فسوف نكون قد استعملنا اللفظَ المطلقَ في المقيّد ، وهو استعمال في غير
المعنى الموضوع له ، وبالتالي سوف يكون الإستعمالُ مجازيّاً ، والمفروض أنـنا لا
نشعر بالمجازيّة ، إذن ليس الإطلاقُ دخيلاً في معنى إسم الجنس ، وإنما اسمُ الجنسِ
موضوعٌ لذات الماهيّة المهمَلة من ناحية الإطلاق والتـقيـيد والقابلة للإطلاق والتـقيـيد
من دون أن نقع في المجازيّة وإنما يـبقى الإستعمالُ حقيقيّاً ، وهذا أمْرٌ ينبغي
أن يكون بديهيّاً .
ثم اعلم أنّ الإنسانَ قد يَلحظ
الماهيّةَ مطلقةً ، أي شاملة لكلّ عالِمٍ ـ كما لو قال المولى لخادمه
(إحترمِ العالِمَ) ـ ، وقد يَلْحَظُها مقيّدةَ بِقَيد العدالة ـ كما لو قال
"إحترمِ العالِمَ العادلَ" ـ ، وقد يَلحظها مهملةً من قيد العدالة ،
لكنه يقيّدها بقيد آخر كالهاشمي مثلاً ، فتكون مهملة من جهة ومقيّدة من جهة
اُخرى ، وقد يلحظها مهمَلةً من جميع الجهات ، كما لو قال "إنّ
الإنسانَ لفي خسر ، لأنه يخسر من عمرِه في كلّ دقيقة ..." أي المنظور إليه هو
الإنسان من حيث هو إنسان ، مع غضّ النظر عن صفاته . ولا شكّ في أنّ اسم الجنس موضوع
للمعنى الأخير وهو ذات الماهيّة المهمَلة ـ أي الغير مطْلَقة ولا المقيّدة
ـ القابلة لإيجاد مصاديقِها في الخارج ، وهذا أمْرٌ نشعر به بالوجدان ، فإنك إذا
سُئِلْتَ عن معنى (إنسان) مثلاً فسوف تجيـب بماهيّة الإنسان المهملة من جميع
الجهات ، ولن تـقول "هو البشر المطلق بشرط الإطلاق" ، لأنّ هذا المعنى
هو ذهنيّ محض ولا يوجَد له مصاديق في الخارج .
* ثم إنّ القيد قد يكون أمراً
وجودياً ـ كما لو قال المولى لخادمه أكرِمِ الفقيرَ العادلَ ـ وقد يكون أمراً
عدميّاً ـ كما لو قال له أكرِمِ الفقيرَ إلاّ الفقيرَ الفاسقَ ـ ، ويعبّرون عن
القيد الوجودي بـ شرط شيء ، وعن الشرط العدمي بـ شرط لا ، وأمّا
الإطلاق فهو عدم الشرط ، وقد يعبّرون عنه بـ لا بشرط .
[101]
راجع المحاضرات ج 5 ص 159 و 344 و 373 ـ 374 .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 132