اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 128
ورد من صحيحة عبد الله بن سنان قال
قال أبو عبد الله (ع) :
اِغسلْ
ثوبَك من أبوال ما لا يؤكل لحمه [94]، وكذا في قولك للجزّار (إستـقبلِ
القِبلةَ بذبـيحتك) ، فإنّ كلّ مسلم يستـفيد منها إشتراطَ التوجّه بالذبـيحة ـ أثـناء
ذبْحِها ـ إلى القبلة لتـتذكّى ويحلَّ أكلُها . هذا الأمرُ بتوجيه الذبـيحة إلى
القبلة هو أيضاً طلب التوجيه إن أراد الشخصُ أن تكون ذبـيحتُه مذكّاة ، ممّا يعني
أنّ صيغة الأمر ـ حتى ولو كانت في سياق الإرشاد ـ لم تخرج عن أنها استُعملت في
الطلب لكن كان استعمالُها بداعي الإرشاد إلى الشرطيّة مثلاً . ومثلها الأمْرُ
بوجوب ردّ الوديعة ، فإنه إرشاد إلى حكم العقل بذلك ... ولذلك نقول بأنّ استعمال
صيغة الأمر في الأوامر الإرشاديّة هو استعمال حقيقي لا مجازي .
على كلٍّ ، لا بأس بـبـيان
الفروق بين الأوامر النفسيّة والأوامر الإرشادية ، فقالوا في التـفرقة بـينهما ما
يلي :
1 ـ الأوامر النفسيّة يجب إطاعتها
، والأوامر الإرشاديّة لا يجب إطاعتها ، نعم إذا وجب إطاعتها فإنما يكون ذلك من
باب حكم العقل بوجوب الإطاعة ، لا من باب الأمر المولوي الشريعي بذلك . فمثلاً :
قول المولى [ وَأَطِيعُوا اللهَوَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ] [95]إرشادٌ إلى حُكْمِ
العقل بوجوب إطاعة الله وإطاعة رسوله ، وإلاّ لو كان الأمر مولويّاً لأتى الإشكال
التالي : ما هو الدليل على وجوب إطاعة الله وإطاعة رسوله في هذه الآية ؟ فإن قلتَ
: هذه الآية ، لَعادَ الإشكالُ ثانياً : وما الدليل على وجوب إطاعة المولى تعالى في
هذه الآية ؟ فإن قلتَ : هذه الآية ! لعاد الإشكال ثالثاً ومن دون نهاية ، لذلك
قالوا بأنّ كلّ أوامر الإطاعة هي أوامر إرشاديّة . ما أريد أن أقوله هو أنّ قوله
تعالى [وَأَطِيعُوا اللهَوَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ ] لا يجب إطاعته لأجل هذه الآية ، وإنما يجب إطاعة المولى تعالى ورسوله
وأهل بـيته المعصومين iمن باب حكم العقل بذلك ، ولذلك
يمكن أن لا يستحقّ الإنسان الثواب على الإطاعة من باب الشرع ، وإنما إذا كان
يستحقّ الثوابَ على إطاعة المولى جلّ وعلا ورسوله wفإنما هو من باب الإنـقياد
لأحكام العقل . ومثلها قوله تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتـقوا اللهَ
حَقَّ تـقاتِهِوَلاَتَمُوتُن إِلاَّوَأَنـتم مُّسْلِمُونَ (102)][96] ... وكذا كلّ الآيات
والروايات الواردة للإرشاد إلى العقاب مع مخالفة المولى تعالى كقوله [فَاتـقوا النَّارَ الَّتِيوَقُودُهَا