اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 126
شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ
فَلْيَصُمْهُ] [90]فأنت هنا تستـفيد
التكرارَ ، لكن بقرائن خارجيّة ، ككون طلب الصلاةِ عقيـب كلّ دلوك للشمس ... لا من
خلال صيغة الأمر ، لأنّ صيغة الأمر ـ كما تعلم ـ موضوعة لأصل الطلب ، مع غضّ النظر
عن المرّة أو التكرار ، ومادةُ الأمر ـ كمادّة الصلاة في مثال (صَلِّ) ـ لا تـفيد
أكثر من طبـيعة الصلاة المهملة من ناحية المرّة أو التكرار ، ولذلك ترى كلّ علمائـنا
يقولون بأنّ مفاد (صَلِّ) هو وجوب الصلاة بنحو الإطلاق البدلي ، وح لا محلّ لجريان
البراءة عن الزائد المشكوك .
نعم ، قد يحسن الزيادة في بعض
الأحيان لتحصيل الغرض الأقصى ، كما لو قال لك صديقك "أعطِ هذا الفقيرَ ألفَ
لِيرة" فأعطيتَه ألْفَ لِيرة ، ثم بعد قليل أعطيتَه ألفاً ثانياً ، وكما لو
قال لك المولى (صَلِّ) فلكَ أن تكـتـفيَ بصلاة واحدة ، لكنك صلّيتَ صلاتين أو أكثر
، ولكن لا شكّ في كون الصلاة الثانية مستحبّةً لا واجبة . وعلى هذا يُحمَلُ
استحبابُ صلاةِ الآيات مرّةً ثانية ما دامت الآيةُ باقيةً ، واستحباب إعادة الصلاة
جماعة على من صلّى مفرداً ، فإنهما يُحمَلان على حُسْنِ الترقّي في الدرجات العليا
عند الله تبارك وتعالى وعلى زيادة القُرْبِ إليه .
وقد لا يمكن الزيادة في الامتـثال
كما في دفْنِ الميّت .
* * * * *
الأمر الخامس : هل تـفيد
صيغةُ الأمرِ الفَورَ أو التراخي ؟
لا شكّ ولا خلاف في أنّ صيغة
الأمر لا تـفيد
الفور ولا التراخي ، أي السرعة بالامتـثال أو التباطؤ فيه ، وإنما تـفيد طلب الطبـيعة
مع غضّ النظر عن الفوريّة أو التباطؤ . فقول المولى مثلاً (إقضِ الصلاةَ) تـفيد
وجوب الإتيان بالصلاة ، لا أكثر ، ولا تـفيد لزوم الإسراع بالتـنفيذ أو جواز
التباطؤ فيه ، ونـتيجة لذلك : يجوز التراخي تمسُّكاً بالإطلاق المقامي ، إذ لو شاء الفوريّةَ
لَذَكَرَ ذلك ، ولا داعي ـ بعد وضوح المطلب ـ للتمسّكِ بالبراءة .
فإن قلتَ : نعم ، صحيح أنّ صيغة
الأمر لا تدلّ على الفور أو التراخي ، لكن عندنا قاعدة قرآنية تـفيدنا لزوم الفوريّة
والإسراع في فِعْلِ الخيراتِ ، وهذا يكفي في إثبات وجوب الفوريّة ، وهما قوله