responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 121

 

ولنأخذِ (الخُمسَ) مثالاً في بحثـنا هذا[82] فنقول : قال الله تعالى [وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُوَلِلرَّسُولِوَلِذِي القُرْبَىوَالْيَتَامَىوَالْمَسَاكِينِوَابْنِ السَّبـيلِ ..] [83] ، فالظاهر من عدم إبداء دليل على وجوب نـيّة القربة فيه ، هو عدم اشتراط نـيّة القربة ، وذلك لعدم كون الخمس ـ بمقتضى الروايات ـ صدقةً ـ بخلاف الزكاة التي هي صدقة ـ فنـتمسّك بالإطلاق المقامي لنـنفي اشتراطَ نـيّة القربة ، بحيث لو أمسك شخصٌ المسدّسَ ووضعه في رأس زيد وقال له إدفع لي خُمْسَ مالِك وإلاّ قتلتك ، فأعطاه الخمس ، فهل يسقط الخمس من ذمّته في حال عدم نـيّة القربة ، وهو قد دفعه للغاصب من باب القهر والغلبة ؟ وفرَضْنا أنّ الغاصبَ ذهب إلى مجتهد ولم يَقُلْ له إنه أخذه بالغصب ، فاستجاز منه أن يعطيه لعائلة فقيرة جدّاً ، وفِعْلاً أعطاه إجازة لتلك العائلة الفقيرة جدّاً ، بمعنى أنّ دافع الخمسِ أحرزَ رضا الإمام rبمصرف الخمس . المقصود هو أنّ دافعَ الخمسِ لم يَـنوِ نـيّة القربة ، فهل تبرأ ذمّتُه أم لا ؟ الجواب : يجب القول ـ بمقتـضى هذه الآية ـ بـبراءة الذمّة ، وذلك لأنّ الخمس موجود في ماله ، فتَصَرَّفَ به الغاصبُ بإذن المجتهد .

ثم اعلمْ أن نـِيّة القربة في العبادات تصحّ بأيّ وجه مقرِّبٍ إلى الله تعالى ، كأنْ تكونَ امتـثالاً لأمر الله أو لوجه الله[84]أو تـقرّباً إلى الله ، أو امتـثالاً لوجهه ، أو شكراً له ، أو طمَعاً في ثوابه ، أو خوفاً من عقابه ... ولذلك إذا حصل عندنا شكٌّ في وجوب نـيّة القربة فلك أن تجري الإطلاقَ المقامي أو الأحوالي ، فإن لم يمكن فالبراءة ، ولا وجه لجريان أصالة الإشتغال .

فإن قلتَ : كيف تُجري البراءةَ ، والحالُ أنه لا يمكن ـ أي على مستوى التصوّروالجعل ـ إدخالُ نـيّة امتـثال الأمر في نفس الواجب ـ طبعاً إذا أراد المولى تعالى هذه النـيّة بالخصوص ـ فقد قيل إنّ هذا المعنى يورث التسلسل أو الدورَ .

قلتُ : يمكن للمولى عزّ وجلّ أن يجعل جعلاً أوّليّاً مهمَلاً ـ كأنْ يكونَ ( إدفعِ الخُمسَ ) ـ وجعْلاً ثانياً متمِّماً للجعل الأوّل أي بنحو ( إمتـثلْ التكليفَ الأوّلَ بِـنـيّة القربة ) ، ولذلك قال علماؤنا بجريان البراءة ، لأنه شَكٌّ في أصل التكليف بأمْرٍ زائدٍ في المركّب ، أمّا على مستوى التطبـيق العملي فإنه ـ


[82] كلامُنا هنا على مستوى علم الأصول فقط ، وإلاّ ففي الفقه لا شكّ عندي في عدم وجود دليل شرعي صحيح على وجوب نـيّة القربة في الخُمس إلاّ في المال المجهول المالك فقط . راجِعْ كتابي (الخُمس) .

[83] سورة الأنفال ـ 41 .

[84] قال أئمّتـنا (ع) [إنما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ ، لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جزاءً ولا شكوراً] كما حدّثـنا الله تعالى بذلك عنهم .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 121
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست