اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 110
لوجود ضرورة وحاجة يومها لهذه
الضريـبة ، ولو لحرب الأعداء وإقامة نظام المجتمع الإسلامي ، لا أنه حكم كليّ
وتشريع دائم .
وأمّا صحيحة علي بن مهزيار عن
الإمام الجواد tفهي مشكوكة الصدور أصلاً ، وقد ذكرنا
الأدلّةَ على ذلك في كتابنا (الخُمس) ، لذلك لا يمكن الإعتمادُ عليها .
الكلمة الثانية : لعلّك لاحظتَ أنه لا
فائدة من هذا البحث عمليّاً ، إذ لا يوجد مثال أو كلمةٌ فيها شكٌّ في معناها
المراد في عصر رسول الله (ص) ، ولا أشكّ أنّ كلّ علمائـنا يَعرفون
ذلك ، ولكنهم طرحوه من باب التَّرَفِ الذهني ، ولعلّه لذلك لم يذكره السيدُ الشهيد
في حلقات أصوله ، والحمد لله ربّ العالمين .
* * *
* *
المسألة
الخامسة : الصحيح والأعَمّ
وبتعبـير صحيح : [ الموضوعات
العرفيّة والموضوعات الشرعيّة ]
قد يَعتبر اللهُ تعالى موضوعَ
الحكم هو الماهيّة العرفيّة ، وقد يجعل موضوعَ الحكم هو الماهيّة الشرعيّة ، ففي
الحالة الأولى يجب تحصيل ما يصدق عليه الماهيّةُ بنظر العرف ، وفي الحالة الثانية
يجب تحصيل الماهيّة المرسومة في الشرع .
مثال الموضوع العرفي قولُه تعالى [الَّذِينَ يَأْكُلُونَ
الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ
مِنَ المَسِّ ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا البـيع مِثْلُ الرِّبَا ،وَأَحَلَّ اللهُ البـيع وَحَرَّمَ الرِّبَا ،
فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانـتهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ ،وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ ، وَمَنْ
عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) ][65]، فإنّ الله تبارك وتعالى
يريد أن يقول بأنّ العقد الربوي ليس بـيعاً ، وإنما البـيع الصحيح هو البـيع العقلائي
، فما يصدق عليه البـيع العقلائي هو البـيع . وبتعبـير آخر : يريد اللهُ تعالى أن
يقول للمقرِضِين بالربا بأنّ تشبـيه الربا بالبـيع هو خطأ ، فالعقد الربوي ليس بـيعاً
، وإنما هو تشريع فاسدٌ ، لكونه غصْباً لأموال الناس ولكونه أكْلاً لأموال الناس
بالباطل ، وإنما البـيع هو المبادَلة المقبولة عند العقلاء ، هذا هو الذي يصدق
عليه البـيع العقلائي وهو الحلال .