أمّا إذا فرضنا أنّ بعض الكلمات لم تـنقل إلى المعنى الشرعي المعروف عندنا في زمان رسول الله وإنما نقلت فيما بعد وفاته wفقد أطلقوا على المعنى الجديد (الحقيقة المتشرّعيّة) ، أي حصل النقل في زمان المتشرّعة بسبب كثرة استعمال المتشرّعة لهذا اللفظ في معناه الجديد ، فكان الوضعُ تعيّنيّاً .

*كلمتان أخيرتان :

أوّلاً : عرفتَ أنه إذا انـتـقل معنى الكلمة الشرعيّة إلى المعنى المعروف الآن في أذهانـنا في زمان رسول الله فهو حقيقة شرعيّة ... فأقول : لعلّهم عبّروا بتعبـير حقيقة شرعيّة بسبب أنها انـتـقلت إلى المعنى الشرعي المعروف عندنا في زمن الشرع ، فكأنّ علماءنا اعتبروا أنّ زمان التشريع هو زمان رسول الله (ص) فقط ، وليس الأئمّةُ iإلاّ نَقَلَةً عن رسول الله بالتحديث الباطني الروحاني ، وهذا أمْرٌ يفهمه الخبراءُ من الروايات ، إذ أنـنا نفهم من الروايات أنّ رسول الله كان مشرّعاً ، ولا يُفهم من الروايات أنّ الأئمّة كانوا مشرّعة ، ولا سيّما وأنّ الروايات تؤكّد كمالَ الدين حتى أرش الخدش ، بمعنى أنه لا يوجدُ فراغٌ قانوني في الشرع حتى يشرّع أحد الأئمّة ، ولا بأس بأن تبرّك بذِكْرِ روايةٍ واحدة فقط وهي ما رواه في الكافي عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد (بن عيسى) عن عبد الله (بن محمّد) الحجّال (ثقة ثقة) عن أحمد بن عمر (بن أبي شعبة) الحلبـي (ثقة ، وهو ابن عمّ عبـيد الله وعبد الأعلى وعمران ومحمد الحلبـيـين ، وهو من ط الإمام الرضا (ع) ) عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) ـ في حديث ـ قال : إنّ عندنا الجامعةَ ، قلت : وما الجامعة ؟ قال : صحيفةٌ فيها كل حلال وحرام وكل شيء يحتاج إليه الناس حتى الأرش في الخدش ، وضرب بـيده إليَّ فقال : أتأذنُ يا أبا محمد ؟ قلت : جُعِلْتُ فِداك ، إنما أنا لك ، فاصنعْ ما شئت ، فغمزني بـيده وقال : حتى أرش هذا [63] صحيحة السند .

أمّا وضْعُ أميرِ المؤمنين tالزكاةَ على الخيل الإناث[64]فإنّ الظاهر منه ـ بمقتضى الجمع بين الروايات وعدم وجوب الزكاة على غير الأصناف التسعة المعروفة ـ أنه حُكْمٌ وِلائيّ ، من باب الضريـبة ، وذلك

[63] ئل 19 ب 48 من أبواب ديّات الأعضاء ح 1 ص 271 .

[64] روى في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبـيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن محمد بن مسلم وزرارة عنهما (ع) ـ أي عن الإمامَين الباقر والصادق ـ قالا : وَضَعَ أميرُ المؤمنين (ع) على الخيل العتاق الراعية في كل فرس في كل عام دينارين وجَعَلَ على البراذينِ ديناراً صحيحة السند/ ئل 6 ب 16 من أبواب كتاب الزكاة ح 1 ص 51 .