responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 104

 

* * * * *

المسألة الثانية : كيفية وضع الحروف

حينما قلنا بأنّ المعاني الحرفيّة رابطةٌ بين المعاني الإسميّة ، وأنّ الحروفَ موضوعةٌ للنسب على أنحائها ، إذَنْ المعاني الحرفيّة بهذا اللحاظ جزئيّة ، لأنها تربط بين المعاني الإسميّة ، فكيف تمّ وضْعُها بالوضع العام لمعانيها مع أنّها جزئيّة ؟!

هل كان الواضعُ يتصوّر المعنى الربطي الجزئي من خلال بعض الأمثلة ثم يضع اللفظَ كما يَضَعُ الأبُ إسماً لولده المولود الجديد ، فكما يتصوّر الأبُ صورةَ إبنه في ذهنه فيضع له إسماً ، فإنّ الواضعَ يتصوّر معنى (في) مثلاً ـ في قولنا (الكـتابُ في المكتبة) ـ ضِمن الجملة ثم يضع له كلمة ؟

لا يمكن ذلك ، لأنّ الواضعَ حينما كان يضعُ الحروفَ لمعانيها فإنما كان يَضَعُ لفظاً عامّاً لمعنى عامٍّ حتماً ، وليس لفظاً خاصّاً لمعنى خاصّ .

إذن ، هل كان الواضعُ يتصوّر المعنى العامّ من خلال هذا المعنى الخاصّ ـ كما تـتصوّرُ عمومَ الناس من خلال زيد وعمرو ـ ليصير المعنى كلّياً واللفظُ موضوعاً للمعنى الكلّي ؟

قد تـقول : نعم ، فإنّ الواضع كان يتصوّر المعنى الربْطي للظرفيّة في الأوضاع الخارجيّة ، بمعنى أنه يتصوّر أوّلاً المعنى الجزئي للمعنى الربطي للظرفيّة من خلال جملة خارجيّة ، ثم يزيلُ منه أطرافَه من الجملة ومن الذهن فيتصوّرُ هذا المعنى بشكل عام ، ثم يضعُ له حرفاً يناسب المعنى العام الربطيّ للظرفيّة ، بحيث يكون دورُ الحرف إيجادَ الربط بين المعاني الإسميّة ، أي بحيث لا يكون معنى الحرف هو نفس معنى الإسم ـ لأنّ الإسمَ يمكن تصوّرُ معناه مستـقلاً ـ ففي الحروف لا يُتصوّر معنى الحرفِ بشكلٍ مستـقلّ ، وإنما يكون معنى الحرف ربْطِيّاً محضاً ـ بخلاف الإسم ـ ، ولذلك يكون المعنى الحرفي مغايراً لحقيقة المعنى الإسمي مهما قرب معناهما من بعضهما البعض كمَعنى (في) ومَعنى (الظرفيّة) ، ومعنى (مِنْ) و (إبتداء) ... ولذلك لا يمكن ولا يصحّ قيام أحدهما مكان الآخر .

فأقول : ما ذكرتموه جيّدٌ بلا شكّ ، لكن يـبقى هنا مشكلةٌ وهي أنه يقال بأنه لا يمكن تصوّرُ المعنى الكلّي العام للحرف ، لأنّ المراد من المعنى الكلّي العام هنا هو تصوّر المعنى الحرفي من دون خصوصيّات طرفَيه ، وفي المعاني الحرفيّة إذا حَذَفتَ الطرفين فقد طار المعنى الحرفي وفَنَى ، لأنّ المعنى الحرفي هو الرابط بين المعاني الإسميّة ، فإذا حذفتَ المعاني الإسميّة فقد فَنَى المعنى الحرفي

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 104
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست