اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 103
لإيجاد معنى في غيره ، وليس نظره
إلى نفسه . وبـبـيانٍ آخر : أنت في مرحلة التصوّر تـتصوّر المعنى المرادَ
إلقاؤه على السامعين ، وممّا تـتصورُه هو المعاني الحرفيّة ، لتربط بها المعاني
الإسميّة ، ثم في مرحلة الإستعمال أنت تستخدم هذه الحروفَ المتصوّرة لتَربِطَ ـ في
عالم الألفاظ ـ كلماتِ الجملة ، ثم إذا سمع السامعُ كلامَك فإنه يَربط كلامَك بـبعضه
مستعيناً بالحروف التي ألقيتَها عليه ، فيتبادر ذهنُه إلى معناها فتَربُطَ بين المعاني
الإسميّةَ ، فهذه أربع مراحل .
ومن فوائد هذا البحثِ ما ادّعاه
الشيخ الأعظم الأنصاري في بحث (الوجوب المشروط) من عدم إمكان تـقيـيد مفاد هيأة (حِجَّ)
ـ مثلاً ـ بالإستطاعة ـ في قول المولى مثلاً (إنِ استـطعتَ فحِجّ) ـ بذريعة أنّ
مفاد هيأة (حِجَّ) هو معنى حرفي ، والمعنى الحرفي هو معنى جزئي ، والجزئي غير قابل
للتـقيـيد .
وسوف يأتيك الجوابُ بأنّ مُفاد
هيأة (حِـجَّ) هو معنى ذهني ، والمعاني الذهنـيّة كلّها كليّة ، وهي قابلة للتـقيـيد
، ولذلك ترى كلّ الناس يقولون بأنّ الوجوب مقيَّدٌ بالإستطاعة . وأمّا الجزئي الذي
لا يَقبل التـقيـيدَ فهو خصوص الجزئي الخارجي ، لا الجزئي الذهني ، لأنّ الجزئي
الذهني هو جزئي بلحاظ طرفَيه وكليّ في ذاته لأنه ذهني ، لذلك أسمَوه (جزئي إضافي)
. وبتعبـير آخر : إنّ كلّ المعاني الذهنـيّة هي كلّيّة ، بما فيها المعاني
الحرفيّة ، فيمكن تـقيـيدُها ، والذي لا يمكن تـقيـيده من الأمور الجزئيّة هو فقط
المصاديقُ الخارجيّة ، لأنَّ المصداق الخارجي لا يصير جامعاً كليّاً ذهنيّاً . حتى
تصوّرُك لزَيدٍ الخارجي هو كلّيّ لأنه يمكن تطبـيقه على كثيرين ، لأنها صورة ذهنـيّة
.
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 103