responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لمحات الأصول المؤلف : بروجردى، حسين    الجزء : 1  صفحة : 105

متعلّقة بعناوين محفوظة في حال العلم و الجهل، فإنّ الحرمة قد تعلّقت بذات الخمر، و الوجوب تعلّق بذات الصلاة من غير تقيّد بالعلم و الجهل، فهي بحسب المفاد شاملة للعالم و الجاهل، كما لا يخفى‌.

فالخطابات- كما عرفت- و إن لم تكن مقيّدة بحال العلم، و لا مختصّة بالعالم بها، و لكن هنا أمر آخر، و هو: أنّ الخطابات إنّما تتعلّق بالعناوين و تتوجّه إلى المكلّفين؛ لغرض انبعاثهم نحو المأمور به، و لتحريكها إيّاهم نحوه، و لا إشكال في أنّ التكليف و الخطاب بحسب وجوده الواقعي لا يمكن أن يكون باعثاً و زاجراً؛ لامتناع محرّكية المجهول، و هذا واضح جدّاً.

فالتكاليف إنّما تتعلّق بالعناوين و تتوجّه إلى المكلّفين؛ لكي يعلموا فيعملوا، فالعلم شرط عقلي للباعثية و التحريك، فلمّا كان انبعاث الجاهل غير ممكن، فلا محالة تكون الإرادة قاصرة عن شمول الجاهلين، فتصير الخطابات بالنسبة إليهم أحكاماً إنشائية. و إن شئت قلت: إنّ لفعلية التكليف مرتبتين:

إحداهما: الفعلية التي هي قبل العلم، و هي بمعنى‌ تمامية الجهات التي من قبل المولى، و إنّما النقصان في الجهات التي من قبل المكلّف، فإذا ارتفعت الموانع التي من قبل العبد، يصير التكليف تامّ الفعلية، و تنجّز عليه.

و ثانيتهما: الفعلية التي هي بعد العلم و بعد رفع سائر الموانع التي تكون من قبل العبد، و هو التكليف الفعلي التامّ المنجّز. (أنوار الهداية 1: 199- 200).

إذا عرفت ما ذكرنا من المقدّمات سهل لك سبيل الجمع بين الأحكام الواقعية و الظاهرية؛ فإنّه لا بدّ من الالتزام بأنّ التكاليف الواقعية مطلقاً سواء كانت في موارد قيام الطرق و الأمارات، أو في موارد الاصول مطلقاً، فعلية بمعناها الذي قبل تعلّق العلم، و لا إشكال في أنّ البعث و الزجر الفعليين غير محقّقين في موارد الجهل بها؛ لامتناع البعث و التحريك الفعليين بالنسبة إلى القاصرين، فالتكاليف بحقائقها الإنشائية و الفعلية التي من قبل المولى- بالمعنى الذي أشرنا إليه- تعمّ جميع المكلّفين، و لا تكون مختصّة بطائفة دون طائفة، لكن الإرادة قاصرة عن البعث و الزجر الفعلي بالنسبة إلى القاصرين.

فإذا كان التكليف قاصراً عن البعث و الزجر الفعليين بالنسبة إليهم، فلا بأس بالترخيص الفعلي على خلافها، و لا امتناع فيه أصلًا، و لا يلزم منه اجتماع الضدّين أو النقيضين أو المثلين و أمثالها.

فتحصّل ممّا ذكرنا: أنّ الأحكام الواقعية و الخطابات الأوّلية- بحسب الإنشاء و الجعل، و بحسب الفعلية التي قبل العلم- عامّة لكلّية المكلّفين جاهلين كانوا أو عالمين، لكنّها قاصرة عن البعث و الزجر الفعليين بالنسبة إلى الجهّال منهم، ففي هذه المرتبة التي هي مرتبة جريان الأصل العقلي، لا بأس في جعل الترخيص. (أنوار الهداية 1: 199- 200).

اسم الکتاب : لمحات الأصول المؤلف : بروجردى، حسين    الجزء : 1  صفحة : 105
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست