قتله
قادراً على الفرار و لكنّه لم يفرّ، فقتل، فإنّه لا ينبغي الإشكال في أنّ القتل
إنّما يكون مستنداً إلى القاتل لا إلى المقتول، باعتبار القدرة على الفرار المانع
عن تحقّق القتل. و هذا بخلاف المقام فإنّ الموت مستند إلى البقاء في النّار
اختياراً، و لا مجال لاستناده إلى الإلقاء.
و
بعبارة أُخرى: السبب في المقام هو البقاء، و إن كان اختياره متفرّعاً على الإلقاء،
بمعنى أنّه لولا الإلقاء لما اختار البقاء، إلّا أنّ ذلك لا يوجب الاستناد إلى
الإلقاء بوجه.
الثالث: صورة الشك في أنّ عدم الخروج هل كان مستنداً إلى العجز أو ناشئاً عن
التعمّد و التخاذل، و فيه وجهان، بل قولان. يظهر القول بثبوت القصاص من المحقّق في
الشرائع، حيث قال: «لو طرحه في النار فمات قتل به، و لو كان قادراً على الخروج
لأنّه قد يشدّه، و لأنّ النار قد تشنج الأعصاب بالملاقاة، فلا يتيسر الفرار» [1].
و
ليس مراده من القدرة على الخروج هي القدرة عليه المساوقة للتعمّد و التخاذل، لأنّه
مضافاً إلى وضوح عدم ثبوت القصاص في مورد التعمّد لا يلائمه التعليل، لأنّ ظاهره
أنّ الدهشة الحاصلة و كذا تشنّج الأعصاب بالملاقاة ربّما يمنع عن الفرار، فالمفروض
صورة الشك، و التعميم إنّما هو بلحاظ هذه الصورة.
و
يظهر من العلّامة في القواعد عدم ثبوت القصاص، قال: «و إن تركه في نار فتمكّن من
التخلّص منها لقلّتها أو لكونه في طرفها يمكنه الخروج بأدنى حركة فلم يخرج فلا
قصاص، و في الضمان للدية إشكال، أقربه السقوط، إن علم أنّه ترك