من
القصاص، و إن كان المشهود به لكليهما هو قتل العمد، و لكن لا تتساقطان بالإضافة
إلى الدية، بل تثبت بالاشتراك و التنصيف بينهما أو بين عاقلتهما.
أقول: أمّا سقوط القصاص في قتل العمد مع تعارض البيّنتين، فلا شبهة فيه
بعد ما عرفت من أنّ اختلافهما في الخصوصيات مثل الزمان و المكان يوجب تساقطهما،
فإنّه إذا كان الاختلاف في الزمان مثلًا موجباً لعدم ترتّب الأثر على شيء من
البيّنتين مع عدم مدخليته في القصاص أصلًا؛ لأنّ الموجب له هو قتل العمد بلا
مدخلية للزمان، فالاختلاف في تعيين القاتل موجب للسقوط بطريق أولى.
هذا،
مضافاً إلى أنّ الاقتصاص من كليهما مع العلم ببراءة أحدهما و عدم صدور القتل منه
بوجه لا مجال له أصلًا. و الاقتصاص من أحدهما ترجيح بلا مرجّح، و تخيير الوليّ كما
في الإقرارين لا دليل له بعد كون مقتضى القاعدة في تعارض الأمارتين هو التساقط،
كما حقّق في الأصول. و أمّا القرعة فلا مجال لها أصلًا، لا لما في الجواهر [1] من الاحتياط في الدماء، بل لعدم العلم
الإجمالي بعدم خروج القاتل عنهما.
و
أمّا ثبوت الدية عليهما أو على عاقلتهما بنحو التنصيف، فربّما يستدلّ عليه بأنّه
إن لم نقل بذلك يلزم إمّا بطلان دم امرئ مسلم إن لم نقل بثبوت الدية أصلًا، أو
إيجاب شيء بغير سبب و لا علّة، إن قلنا بثبوتها على الأجنبي الذي هو شخص ثالث، أو
الترجيح بلا مرجّح إن أوجبناه على أحدهما المعيّن، فاللّازم هو الحكم