الدين
و من المسلّمات الإسلامية، و لم يختلف فيه أحد من فقهاء الفريقين و إن كان بينهما
الاختلاف في المتعلّق و في المصرف كما سيأتي بيانه، إلّا أنّ أصل الوجوب في الجملة
من ضروريّات الإسلام، و يكون منكره منكراً للضروري من الدين الذي يرجع إنكاره إلى
إنكار أصل النبوّة المستلزم للكفر، كما تقدّم بيانه في بحث أعيان النجاسات [1]، و نحن و إن اخترنا عدم نجاسة الكتابي
إذا لم يكن مشركاً، إلّا أنّ ذلك لا يلازم عدم اتّصافه بالكفر، فهو أي الكتابي غير
المشرك كافر غير نجس، و لا يكون هذا الإنكار إنكاراً لضروريّ المذهب فقط حتّى لا
يكون مستلزماً للكفر كإنكار أصل الولاية لصاحبها و مستحقّيها، و الاختلاف في
المتعلّق أو في المصرف لا يكون إنكاراً لأصل الوجوب كالاختلاف بين فقهائنا
أحياناً، كما أنّ الالتزام بظاهر أخبار الاستحلال الآتية لا يقدح في ذلك.
الثاني: أنّ ثبوت الخمس له مأخذ قرآني و سند كتابي، و هو قوله تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ
خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ
ابْنِ السَّبِيلِ[2]
إلى آخر الآية، و قد نزلت في قصّة بدر في رمضان السنة الثانية من الهجرة النبوية
مع أنّ ارتحال النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم) كان في السنة الحادية عشرة
من الهجرة في أواخر شهر صفر الخير.
الثالث: أنّ التعبيرات القرآنية في موارد التكاليف اللزومية مختلفة، ففي مثل
الصلاة قد عبّر بالإقامة التي لا يراد بها إلّا نفس إيجادها، و لذا يقال في فصول
الإقامة: «قد قامت الصلاة» و في مثل الزكاة قد عبّر بالإيتاء، و في مثل الحجّ
باللام
[1] تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة (كتاب
الطهارة، النجاسات): 233.