وأمّا
في عصرنا الحاضر، فحيث إنّ الحسابات الفلكيّة الدقيقة تورث الاطمئنان والوثوق، فهي
قابلة للاعتماد أكثر ممّا سبق، فإذا ثبت بالحسابات الفلكيّة الدقيقة في غروب يوم
من الأيّام خروج الهلال من تحت الشعاع؛ فإنّه يمكن اعتبار تلك الليلة أوّل الشهر
القمري؛ ولأجل هذا يقول الفقهاء [1] بكفاية الاطمئنان ببداية الشهر الجديد إذا كان من طريق الحسابات
المفيدة لمثل هذا الاطمئنان.
وممّا
يجدر ذكره أنّ الشارع لم يتعبّدنا البتّة بخصوص ثبوت الشهر القمري، بحيث يكون فرق
بين الشهر القمري والشهر الشرعي، وإنّما اشترط شيئاً واحداً- طبعاً هذا في وجوب
الصوم لا لبداية الشهر- وهو عدم الاعتماد على الظنّ والرأي، ولم يتعبّدنا بما سوى
ذلك البتّة.
النقطة
الثانية: ما هو المراد بالمتعارف؟
والمتعارف
في أيّ زمان هو المقصود؟ نقل صاحب الجواهر عن الشيخ البهائي [2] وعن اللّوامع [3] أنّه يلزم حمل المتعارف على ما كان
متعارفاً في زمان النبيّ صلى الله عليه و آله وإن لم يكن متعارفاً في زمان الأئمّة
عليهم السلام، ثمّ استدلّ قائلًا: «لأنّ أحكامهم متلقّاة منه» [4].
إذاً،
لا يمكن دعوى الانصراف إلى المتعارف؛ لأنّ مسألة الرؤية بالعين المسلّحة لم تكن
مطروحة للبحث أساساً في زمن صدور الأحاديث، وإذا كان في
[1] توضيح المسائل مراجع 1: 998 مسألة 1732،
تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الصوم: 248- 249.