وفي الاستظهار نظر ؛ إذ لا يظهر ممّا نسب إليهم الالتزام بمساواة الجاهل للعالم مطلقا , بل في فساد صومه , فلا يظهر من ذلك التزامهم بالكفّارة.
وكيف كان , فمستند القول بالفساد : إطلاق ما دلّ على اعتبار الإمساك عن الأشياء المزبورة في ماهيّة الصوم , بل لا معنى للصوم إلّا الإمساك عن تلك الأشياء , فيمتنع تحقّق مفهومه بدونه , وتحقّقه من الناس تعبّد شرعي , فصوم من أكل وشرب ناسيا صوم حكمي لا حقيقي.
هذا , مع أنّ تقييد مفطريّة المفطرات بالعلم بمفطريتها , الراجع إلى اشتراط وجوب الإمساك عنها بالعلم بوجوبه غير معقول.
نعم , قد يعقل ذلك بالنسبة إلى بعضها غير المقوّم لحصول مسمّى الصوم عرفا ببعض التقريبات التي تقدّمت الإشارة إليها في كتاب الصلاة في توجيه صحّة صلاة من أخلّ بالجهر والإخفات في مواضعهما , ولكن الالتزام به موقوف على مساعدة دليل عليه , كما سنشير إليه.
والحاصل : أنّ ظواهر الأدلّة الدالّة على وجوب الإمساك عن الأشياء المذكورة : كون الإمساك عنها من حيث هو معتبرا في ماهيّة الصوم الشرعي , وأنّه يبطل بارتكاب شيء منها , ولا يصح تقييد ذلك بالعلم به , إلّا أن يدلّ دليل شرعي عليه , فيتكلّف في توجيهه.
واستدلّ له أيضا : بإطلاقات الأوامر الواردة بالقضاء والكفّارة عند تناول شيء من المفطرات , مع ورود بعضها في جاهل الموضوع الذي