اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 9 صفحة : 74
..........
حكم عليه به بمجرّد سماع لفظه، و إنما احترزوا باشتراط القصد عن مثل الساهي و النائم إذا أوقعا لفظا صريحا، فإنه لا يعتدّ به، لعدم القصد إلى مدلوله، بخلاف الكناية، فإن ألفاظها لمّا كانت مشتركة بين المقصود منها- و هو الطلاق- و نحوه لم يحمل عليه بمجرّد قصده إلى المعنى، لاشتراكه، بل لا بدّ من القصد إلى بعض معانيه و هو الطلاق مثلا، و هذا القصد على خلاف الأصل، لأنه تخصيص للّفظ المشترك بأحد معانيه، فلا بدّ من العلم به و إلا لم يحكم عليه بالطلاق و لا غيره، بخلاف الصريح، فإن الأصل فيه إذا وقع من العاقل الخالي عن الموانع أن يكون قاصدا به مدلوله، فهذا هو الفارق بين القصدين فتدبّره فإنه من مواضع الاشتباه على كثير.
و اعلم أنه قد دلّ على عدم الاكتفاء ببعض هذه الألفاظ المعدودة في الكناية حسنة محمد بن مسلم أنه سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل قال لامرأته: أنت عليّ حرام، أو بائنة، أو بتّة، أو بريّة، أو خليّة، قال: «هذا كلّه ليس بشيء» [1].
و معنى خليّة و بريّة أي: من الزوج. و معنى حبلك على غاربك أي: خلّيت سبيلك كما يخلّى البعير في الصحراء و زمامه على غاربه- و هو ما تقدّم من الظهر و ارتفع من العنق- ليرعى كيف شاء. و الحقي- بكسر أوله و فتح ثالثة، و قيل:
عكسه- أي: الحقي بأهلك لأني طلّقتك. و بائن أي: مفارقة و حرام عليه الاستمتاع بها. و بتّة أي: مقطوعة الوصلة. و تنكير «البتّة» جوّزه الفرّاء [2]،