اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 9 صفحة : 502
..........
مقتضاه، و إنما يحصل ذلك منه بعد التروّي.
إذا تقرّر ذلك فنقول: لا إشكال في وجوبها بالعود، لكن هل هو وجوب مستقرّ، حتى لو عزم بعد ذلك على ترك وطئها أو طلّقها قبل المسيس و بعد العود تبقى الكفّارة لازمة له، أم استقرار الوجوب مشروط بالوطء بالفعل، بمعنى تحريم الوطء حتى يكفّر؟ المشهور بين الأصحاب الثاني، لصحيحة الحلبي عن الصادق (عليه السلام) قال: «سألته عن الرجل يظاهر من امرأته ثمَّ يريد أن يتمّ على طلاقها، قال: ليس عليه كفّارة. قلت: إن أراد أن يمسّها؟ قال: لا يمسّها حتى يكفّر» [1] فإن ظاهرها أن جواز المسّ متوقّف على التكفير، فمتى لم يفعل لا يستقرّ عليه، و إنما يكون شرطا في جواز المسّ، و هو المراد من الوجوب غير المستقرّ لا الوجوب بالمعنى المتعارف.
و قيل: إن الوجوب يستقرّ بإرادة الوطء و إن لم يفعل، لأن اللّه تعالى رتّب وجوبها على العود بقوله «ثُمَّ يَعُودُونَ لِمٰا قٰالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ» أي: فعليهم ذلك، و الأصل بقاء هذا الوجوب المرتّب.
و جوابه: منع دلالتها على الوجوب مطلقا، بل غايته أن يدلّ على توقّف التماس عليها، و ذلك مطلوبنا. و لو سلّم الوجوب فالمراد به المقيّد بقبليّة التماس، و القبليّة من الأمور الإضافيّة لا يتحقّق بدون المتضايفين، فما لم يحصل التماس لا يثبت الوجوب، و ذلك هو المراد من الوجوب غير المستقرّ.
فإن قيل: يلزم من هذا عدم وجوبها، لأن الواجب هو الذي لا يجوز تركه