اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 6 صفحة : 54
[الثالثة: لو قال: وهبت و لم أقبضه، كان القول قوله، و للمقرِّ له إحلافه إن ادّعى الإقباض]
الثالثة: لو قال: وهبت و لم أقبضه، (1) كان القول قوله، و للمقرِّ له إحلافه إن ادّعى الإقباض. و كذا لو قال: وهبته و ملّكته (2) ثمَّ أنكر القبض، لأنّه يمكن أن يخبر عن وهمه.
قوله: «لو قال: وهبت و لم أقبضه. إلخ».
(1) إنّما كان القول قوله لأنه منكر له، إذ الأصل عدم وقوعه. و لا يقدح في ذلك كونه شرطا لصحّة الهبة، فيكون إنكاره كدعوى الفساد، و قد علم أنّ مدّعي الصحّة مقدّم، للفرق بين الأمرين، فإنّ منكر الإقباض لا يدّعي فساد الهبة، إنّما ينكر أمرا من الأمور المعتبرة فيها و أنّها لم تتحقّق بعد كما لو أنكر الإيجاب أو القبول، و إن اشترك الجميع في عدم صحّة العقد بدونه.
و إنّما لم يكن الإقرار بالهبة إقرارا بالقبض مع كونه من أركانها المعتبرة في صحّتها لأنّ المعروف شرعا من الهبة هو الإيجاب و القبول خاصّة، و القبض و إن كان معتبرا في الصحّة إلّا أنّه خارج عن ماهيّتها، و قد تقدّم [1] في تعريف الهبة أنّه العقد المقتضي لتمليك العين. إلى آخره، و لا شبهة في أنّ القبض أمر آخر غير العقد، فالإقرار بأحدهما لا يقتضي الإقرار بالآخر.
و يفهم من قوله: «و للمقرِّ له إحلافه إن ادّعى الإقباض» أنّ تقديم قوله في عدم الإقباض لا يوجب اليمين بمجرّده، بل مع دعوى المقرِّ له الإقباض. و الأمر فيه كذلك، فإنّ اليمين تكون لإنكار ما يدّعيه المدّعي، فإذا لم يدّع عليه الإقباض لا يلزمه اليمين و إن صدق اسم المنكر عليه قبل الدعوى المذكورة، إذ ليس كلّ منكر يتوجّه عليه اليمين بمجرّد الإنكار، بل لا بدّ من انضمام دعوى ما أنكره المنكر.
قوله: «و كذا لو قال: و هبته و ملّكته. إلخ».
(2) قد عرفت ممّا سبق [2] أنّ الأصحاب قد اختلفوا في أنّ القبض هل هو شرط لصحّة الهبة فلا يحصل الملك بدونه، أم للزومها خاصّة فيحصل بدونه الملك الجائز