اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 6 صفحة : 53
..........
قد عرفت فيما سلف اختيار [المصنف] [1] أنّ القبض شرط لصحّة الهبة لا للزومها [2]، سواء قارن العقد أم تراخى، لأنّ فوريّته ليست بشرط، للأصل.
و حينئذ فلو تراخى القبض عن العقد لم يحصل الملك بدونه، و إنّما يحكم بانتقال الملك إلى المتّهب من حين القبض لا من حين العقد، فيكون القبض ناقلا للملك حينئذ لا كاشفا عن سبقه بالعقد. و تظهر الفائدة في النماء المتخلّل بين العقد و القبض، و في أمور أخر سبق [3] التنبيه على بعضها. و هذا بخلاف الوصيّة، فإنّ القبض فيها ليس شرطا لصحّتها و لا جزءا، بل للزومها بالموت مع قبول الموصى له الوصيّة و إن تأخّر القبض عن الموت، بل عنه و عن القبول، لأصالة عدم الاشتراط، و الهبة خرجت عن الحكم بدليل خاصّ، و قد تقدّم [4].
و اعلم أنّ المصنف جزم بجواز تراخي القبض عن العقد، و الأمر فيه كذلك لما ذكرناه من أصالة عدم اشتراط الفوريّة، و الدليل الدالّ على اعتبار القبض أعمّ منه.
و في القواعد [5] استشكل في حالة تراخيه، و الإشكال مبنيّ على القول بأنّ القبض شرط لصحّة الهبة لا للزومها، فيكون جزءا من السبب المصحّح لها كالقبول، فاعتبر فوريّته كما اعتبر فوريّة القبول.
و فيه: أنّ الجزئيّة لا تقتضي الفوريّة أيضا، إذ لا امتناع في تراخي بعض أجزاء السبب عن بعض، و اعتبار الفوريّة في القبول جاء من دليل خارج عند من اعتبره، نظرا منه إلى أنّه جواب الإيجاب فيعتبر فيه ما يعدّ معه جوابا، و مع ذلك ففيه ما فيه كما لا يخفى.