اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 5 صفحة : 85
..........
مالكها، لكنّها غير مضمونة عليه، لإذن الشارع في وضع اليد عليها إلى أن يردّها على وجهه. و من حكم الأمانة الشرعيّة وجوب المبادرة بردّها على الفور إلى مالكها أو من يقوم مقامه، فإن أخّر عن ذلك مع قدرته ضمن. و لو تعذّر الوصول إلى المالك أو وكيله أو وليّه الخاصّ سلّمها إلى الحاكم، لأنّه وليّ الغائب. و لا فرق في ذلك بين علم المالك بأنّها عنده و عدمه عندنا.
إذا تقرّر ذلك: فلو كان الميّت المودع، و طلبها الوارث أو لم يطلبها، و أخّر المستودع الدفع مع إمكانه، و ادّعى عدم علمه بانحصار الإرث في الوارث الظاهر، أو الشّك في كونه وارثا، و أراد البحث عن ذلك، و لم يكن هناك حاكم يرجع إليه، فالأقوى عدم الضمان، خصوصا مع الشكّ في كون الموجود وارثا، لأصالة عدمه.
و أمّا مع العلم بكونه وارثا فالأصل أيضا عدم استحقاقه لجميع المال، و القدر المعلوم إنّما هو كونه مستحقّا في الجملة، و هو لا يقتضي انحصار الحقّ فيه. و أصالة عدم وارث آخر معارضة بهذا الأصل، فيبقى الحكم في القابض وجوب البحث عن المستحقّ كنظائره من الحقوق.
و مثله يأتي في الإقرار لو أقرّ بمال لمورّث زيد، فإنّه لا يؤمر بتسليم جميع المقرّ به إليه إلّا بعد البحث، حتّى لو ادّعى انحصار الوارث [1] في الموجود مع الجهل ففي جواز تمكينه من دفعه إليه وجهان، من اعترافه بانحصار الحقّ فيه فيلزم بالدفع إليه، و من أنّه إقرار في حقّ الغير حيث يمكن مشاركة غيره له. و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه، فإنّه هنا عارضي.
و لو أخّر تسليم الوديعة إلى الوارث ليبحث عن وصيّة الميّت أو إقراره بدين و نحوه فالأقرب الضمان، لأصالة عدمه، بخلاف الوارث.
و اعلم أنّ من جملة أحكام الأمانة الشرعيّة- مع ما تقدّم من وجوب المبادرة إلى
[1] كذا في «ن» و «م». و في «س» و «و» و «ب»: الإرث. و وردا معا في «ه».
اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 5 صفحة : 85