اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 5 صفحة : 292
[الرابعة: كلّ من في يده مال لغيره، أو في ذمّته]
الرابعة: كلّ من في يده مال لغيره، أو في ذمّته، فله أن يمتنع من التسليم حتى يشهد صاحب الحقّ بالقبض. و يستوي في ذلك ما يقبل قوله في ردّه، و بين ما لا يقبل إلا ببيّنة، هربا من الجحود المفضي إلى الدرك أو اليمين. و فصّل آخرون بين ما يقبل قوله في ردّه و ما لا يقبل، فأوجبوا التسليم في الأول، و أجازوا الامتناع في الثاني إلا مع الإشهاد. و الأول أشبه. (1)
هذا الحكم في الردّ واضح، و أمّا في دعوى التلف فتقبل من جهة العين و يلزمه المثل أو القيمة، لأنّه ضامن بجحوده.
قوله: «كلّ من في يده- إلى قوله- و الأوّل أشبه».
(1) وجه التفصيل: أنّ ما يقبل قول الدافع في ردّه لا يتوجّه عليه ضرر بترك الإشهاد، لأنّ قبول قوله يدفع الغرم عن نفسه، بخلاف ما لا يقبل. و ربما فصّل بعضهم هذا القسم بأنّه إن كان بالحقّ بيّنة فله الامتناع حتى يشهد و إلّا فلا، لأنّه و إن لم يقبل قوله لو أقرّ لكن يمكنه إنكار أصل الحقّ على وجه يصدق، بأن يقول:
إنّه لا يستحقّ عنده شيئا، فيقبل قوله كالقسم الأول.
و الأقوى ما اختاره المصنّف، لأنّ تكلّف اليمين ضرر عظيم و إن كان صادقا، و إذن الشارع فيها و ترتّب الثواب عليها لا يدفع أصل الضرر، خصوصا في بعض الناس من ذوي المراتب، فإنّ ضرر الغرامة عليهم أسهل من اليمين.
و اعلم: أنّ في قول المصنف: «حتى يشهد صاحب الحقّ بالقبض» تجوّزا، لأن الغريم إذا كان له الامتناع من الإقباض حتى يشهد كيف يمكن المستحقّ الإشهاد بالقبض و لم يقع؟ فإنّه ليس بصحيح، و كان حقّه أن يقول: «حتى يشهد على القبض». و الأحسن في الجواب أن يجعل «الباء» بمعنى «على» فإنه واقع لغة، و منه قوله تعالى: و منهم من إن تأمنه بقنطار [1] أي على قنطار.
[1] آل عمران: 75. و الآية في المصحف الكريم «وَ مِنْ أَهْلِ الْكِتٰابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطٰارٍ».
اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 5 صفحة : 292