اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 5 صفحة : 284
..........
المختلف، إلا أن المشهور حينئذ قبوله.
و الفرق بين الإقرار و الإنشاء أنّ الإقرار إخبار، و هو يستدعي أمرا خارجا مطابقا له، و لا يلزم من تعدّد الخبر تعدّد الخارج، لإمكان أن يخبر عن الشيء الواحد بأخبار متعدّدة في أزمنة متعدّدة بألفاظ مختلفة، فيكون الأمر الخارج عن نسبة الخبر مسكوتا عنه من جهة التعدّد و الاتّحاد، فيكون ذلك كإطلاق الشهادة من غير تعيين زمان أو مكان، فيثبت أصل التوكيل، لاتّفاقهما عليه و أصالة عدم التعدّد في العقد الواحد، بخلاف ما لو كان الاختلاف في نفس عقد الوكالة، فإنّه إنشاء لا خارج له يقصد مطابقته، بل الوكالة حاصلة منه في الحال، فتعدّد زمانه و مكانه و اختلاف صيغته يوجب اختلافه، و لم يتطابق على أحدهما شاهدان، فلا تثبت.
فإن قيل: تعدّد الخبر كما لا يستلزم تعدّد المخبر عنه كذا لا يستلزم اتّحاده، بل هو أعمّ منهما، فلا يدلّ على أحدهما و هو الخاصّ، و الحال أنهما لم يتعرّضا للإنشاء بنفي و لا إثبات، فلا شاهد عليه، و الإقرار متعدّد، و كلّ واحد من أفراده غير ثابت.
قلنا: لمّا ثبت أنّ الإقرار يستدعي نسبة إلى أمر خارج، و كان الإقراران مستلزمين لحصول التوكيل في الجملة، فقد حصل المقتضي للثبوت، و يبقى احتمال التعدّد في المخبر عنه و اتّحاده، و ذلك غير قادح في الشهادة، كما لو أطلقا الشهادة على الإنشاء فإن المانع من ذلك إنما هو التعدّد و هو غير معلوم، فيجب التمسّك بالمقتضي إلى أن يثبت خلافه، مع اعتضاده بأصالة عدم التعدّد.
هذا غاية ما يمكن توجيهه في الفرق الذي ادّعوه، و مع ذلك لا يخلو من نظر فكيف بما أطلقه المصنف؟! و يمكن أن يريد المصنّف باختلاف الوكالة في المسألتين الإقرار، من حيث إن الوكالة لمّا كانت تثبت بأيّ صيغة دلّت عليها فقوله: «وكّلت فلانا، أو استنبته على كذا» يمكن جعله إقرارا و إنشاء، إلا مع تصريحه بأحدهما بأن يقول: «إنّه قد وكّله قبل هذا الوقت» فيكون إقرارا، أو: «لم يوكّله فيما مضى» فيكون إنشاء، و الكلام فيما لو أطلق.
اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 5 صفحة : 284