ما دون ثمانية و أربعين ميلا، كما في صحيحة زرارة المتقدمة[1].
مبدأ البعد
(الأمر الثالث) ان الحد المذكور في الروايات المعتبر في وجوب التمتع
على النائي، انما يلاحظ بين مكة و منزل الشخص النائي، لا من المسجد الحرام، و ان
كان المصرح به في الآية الكريمة هو الثاني، فإن الإمام عليه السلام بعد ما سئل عن
قوله تعالى ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ
الْحَرامِ قال: يعني أهل مكة ليس عليهم متعة. و فسر حاضري المسجد بأهل مكة، و
غير الحاضرين فيه بغير أهل مكة.
و انما عبر عنها بالمسجد تعظيما له، كما عبر عنها بالمسجد الحرام في
قوله تعالى سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ
الْحَرامِ و قد اسرى به صلى اللّه عليه و آله من بيت أم هاني أخت أمير
المؤمنين عليه السلام لا من المسجد[2].
[1] أقول: يمكن أن يستدل له بما روى عن زرارة أيضا
في تحديد مكة في تفسير قوله تعالى ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي
الْمَسْجِدِ الْحَرامِ قال: ذلك أهل مكة و ليس لهم متعة و لا عليهم عمرة.
قال: قلت فما حد ذلك؟
قال: ثمانية و أربعين ميلا-
الخبر.
و ظاهر الخبر أن من كان على ذاك
الحد فهو يعد من أهل مكة و ليس لهم متعة.
و يدل عليه أيضا ذيل صحيحة زرارة
قال: و كل من كان أهله وراء ذلك( أي ثمانية و أربعين ميلا) فعليهم المتعة«
المقرر».
[2] و يؤيد ذلك ما في خبر زرارة، فإن الإمام عليه
السلام بعد ما فسر حاضري المسجد الحرام بأهل مكة، سأل الراوي عن حدها، فقال عليه
السلام« ثمانية و أربعون ميلا من نواحي مكة»، و ظاهره أن مبدأ الحد مكة لا المسجد.
و استظهر الحكيم« قده» في كتابه
المستمسك كون المبدأ المسجد، ثم قال: و لا ينافي ذلك قوله« من جميع نواحي مكة»،
فإن مكة أخذت موضوعا للنواحى لا مبدأ للتقدير- انتهى. و لا يخفى ما فيه.
و يدل على ما اختاره الأستاذ مد
ظله رواية حماد عن ابى عبد اللّه عليه السلام في تفسير« حاضري المسجد» قال: ما دون
الأوقات إلى مكة.