ثم إن المجتهد الثاني الميت إذا كان اعلم من الحي ايضا تعين البقاء على تقليده وأما إذا كان الاعلم هو الحي دون الميت الثاني فلا محالة يجوز للمكلف أن يبقى على تقليد الميت الثاني - لعدم العلم بالمخالفة بينه وبين الاعلم منه وهو المجتهد الحي - وأن يعدل إلى الحي، لفرض أنه اعلم من الميت، ومع عدم العلم بالمخالفة بينهما تتصف فتوائهما بالاعتبار، ولا يجب على المكلف الفحص عن مخالفتهما كما تقدم. نعم إذا اختار المكلف العدول إلى الميت الثاني ثم علم بالمخالفة بينهما تعين عليه العمل بفتوى الحي لانه الاعلم - على الفرض -. وهناك صورة ثالثة: وهي ما إذا كان الميت الاول والثاني متساويين في الفضيلة أو احتملنا الاعلمية في كل منهما والمكلف علم بينهما بالمخالفة، ففي هذه الصورة لا يجوز البقاء على تقليد كل منهما، لان العلم بالمخالفة يسقط الفتوائين عن الاعتبار فان كان المجتهد الثالث اعلم منهما تعين الرجوع إليه. وإذا كان مساويا معهما في الفضيلة فحاله حالهما لسقوط فتواه عن الحجية عند العلم بالمخالفة، فان ادلة الاعتبار غير شاملة للمتعارضين فيجب على المكلف الاحتياط - ان امكنه - والا فيتخير بحسب العمل. ثم انك عرفت أن مسألة جواز التقليد لا يمكن أن تكون تقليدية. بل لابد أن تستند إلى قطع المكلف واطمئنانه. نعم لا مانع من التقليد في خصوصياته وفى المقام ان استقل عقل العامي بشئ من جواز البقاء على تقليد الميت أو عدمه فهو وأما إذا لم يستقل كما هو الغالب، لعدم تمكنه من استقلال عقله بشئ فلا يمكنه الرجوع في ذلك إلى فتوى الميت لانها مشكوكة الحجية، لعدم استقلال عقله بحجيتها أو عدمها. ولا يمكن أن تثبت حجية قوله بقول نفسه، لانه دور واضح فلا يمكن اثبات جواز البقاء على تقليد الميت بالرجوع إلى تقليد الميت، ومعه لو عمل بفتوى الميت وقلده فهو كالعمل من دون تقليد وقد مر أن العمل من دون