اسم الکتاب : المهذب البارع في شرح المختصر النافع المؤلف : ابن فهد الحلي الجزء : 1 صفحة : 6
و قد دخلت بعض هذه الانحرافات الطريقيّة الموجودة عند الأمم الأخرى
إلى بلاد المسلمين بعد الفتوحات الإسلاميّة الاولى، و احتكاك المسلمين بالحضارات
البشريّة التي كانت موجودة آنذاك.
و استطاعت
هذه الطرق الغريبة أن تنمو و تزدهر في ظلّ أجواء خصبة في مجتمع المسلمين نتيجة
الانحرافات المتراكمة، و الخلل الذريع في التوجيه و التربية بسبب إبعاد الأئمة
(عليهم السلام) عن مقام التوجيه و الإمامة للمجتمع الإسلامي.
و قد أطلق
على هذا الهجين المشوّه اسم (التصوّف)، فاختلط الأمر على الكثير من الكتّاب و
الباحثين فضلا عمّا شاع بين الأمّة من التخبّط و الضياع، فلم يعد التمييز سهلا بين
الطريق الذي رسمه الإسلام العزيز للسلوك و بين التصوّف.
و قد وفّق
بعض علماء الإسلام- أعلى اللّه مقامهم- إلى إعطاء اصطلاح (العرفان) لمنهج الإسلام
في التربية و التهذيب تمييزا له عن التصوّف.
و العرفان:
هو عبادة اللّه سبحانه عن حبّ و إخلاص لا عن رجاء، و ثواب و لا عن خوف و عذاب،
فالعرفان إذن طريق من طرق العبادة، عبادة الحب و الإخلاص، لا عبادة الخوف و
الرجاء.
[حيات المؤلف]
و قد كان من
جملة السالكين في هذا الطريق مصنّف هذا الكتاب، الرجل الفذ، و العالم العابد
الزاهد الفقيه الاخباري الأصولي المتكلّم الجدلي، الشيخ الأجلّ جمال الدين أبو
العباس، أحمد بن شمس الدين محمد بن فهد الأسدي الحلّي قدّس اللّه نفسه و أفاض على
تربته ينابيع رحمته.
و حاول
البعض غمز المصنّف قدس اللّه روحه و اتّهامه بالتصوّف نتيجة لهذا الخلط الذي أشرنا
إليه سابقا، و قد دافع بعض علمائنا الأعلام عن هذا الاتجاه الصحيح، و توضيح
المفاهيم الإسلاميّة الأصيلة، منهم العالم العلّامة الإمام السيد محسن الأمين قدّس
سره في ردّ هذه الأوهام بعد نقل ما في لؤلؤة البحرين قال ما لفظه: و ربّما يستشم
منه الغمز فيه بذلك، و هذا منه عجيب، فالتصوّف الذي ينسب إلى هؤلاء الأجلّاء مثل
ابن فهد، و ابن طاوس، و الخواجة نصير الدين،
اسم الکتاب : المهذب البارع في شرح المختصر النافع المؤلف : ابن فهد الحلي الجزء : 1 صفحة : 6