فإن سأل سائل فقال: ما معنى قوله: إِنَّكَ لاََ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ[1] .
قيل له: معنى ذلك إنّك لا تنجي من العذاب من أحببت؛ لأنّ النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم كان حريصا على نجاة أقاربه بل كلّ من دعاه.
فإن قيل: فلم زعمتم أنّ هذا هو تأويل الآية؟قيل له: لمّا كان اللّه قد هداهم بأن دلّهم على الإيمان، علمنا أنّه لم يهدهم بهدى الثواب، و قد بيّن اللّه تعالى أنّ الهدى بمعنى الدليل قد هداهم به، فقال: إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ اَلظَّنَّ وَ مََا تَهْوَى اَلْأَنْفُسُ وَ لَقَدْ جََاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ اَلْهُدىََ[2] يعني الدلالة و البيان.
فإن قيل: فما معنى قوله لَيْسَ عَلَيْكَ هُدََاهُمْ وَ لََكِنَّ اَللََّهَ يَهْدِي مَنْ يَشََاءُ؟[3] قيل له: إنّما أراد به ليس عليك نجاتهم، ما عليك إلاّ البلاغ و لكن اللّه ينجي من يشاء.
فإن قيل: فلم قلتم هذا؟قيل له: لمّا أخبر اللّه تعالى أنّ النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم قد هدى الكافر فقال: وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلىََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ[4] و إنّما يريد إنّك تدلّ، فلمّا كان قد دلّ المؤمن و الكافر كان قد هدى الكافر و المؤمن، فعلمنا أنّه أراد بهذه الآية هدى الثواب و النجاة، فقس على ما ذكرناه جميع ما يسأل عنه من أمثال هذه الآية.
باب الكلام في الارادة و حقيقتها
فإن سأل سائل فقال: أتقولون: إنّ اللّه تعالى أراد الإيمان من جميع الخلق المأمورين و المنهيين أو أراد ذلك من بعضهم دون بعض؟قيل له: بل أراد ذلك