responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفائس التأويل المؤلف : السيد الشريف المرتضي    الجزء : 1  صفحة : 386

من جميع الخلق إرادة بلوى و اختبار، و لم يرد إرادة إجبار و اضطرار، و قد قال اللّه تعالى: كُونُوا قَوََّامِينَ بِالْقِسْطِ [1] و قال: كُونُوا قِرَدَةً خََاسِئِينَ [2] فأراد أن يجعلهم هو قردة، إرادة إجبار و اضطرار فكانوا كلّهم كذلك، و أراد أن يقوموا بالقسط إرادة بلوى و اختيار، فلو أراد أن يكونوا قوّامين بالقسط كما أراد أن يكونوا قردة خاسئين، لكانوا كلّهم قوّامين شاؤا أو أبوا، و لكن لو فعل ذلك ما استحقّوا حمدا لا أجرا.

و ممّا يدلّ من القرآن على أنّ اللّه أراد بخلقه الخير و الصلاح و لم يرد بهم الكفر و الضلال قوله سبحانه: تُرِيدُونَ عَرَضَ اَلدُّنْيََا وَ اَللََّهُ يُرِيدُ اَلْآخِرَةَ [3] فأخبر أنّ ما أراد غير ما أرادوا.

و قال: يُرِيدُ اَللََّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَ يَهْدِيَكُمْ سُنَنَ اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ [4] فأخبر أنّ إرادته في خلقه الهداية و التوبة و البيان، ثمّ قال: وَ اَللََّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَ يُرِيدُ اَلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ اَلشَّهَوََاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً [5] فأخبر أنّ ما أراد اللّه منهم غير ما أراد غيره من الميل العظيم.

و قال: يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اَللََّهِ بِأَفْوََاهِهِمْ وَ يَأْبَى اَللََّهُ إِلاََّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ [6] فأخبر أنّه إنّما يأبى ما أراده العباد من إطفاء نوره.

و قال: وَ مَا اَللََّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبََادِ [7] و قال: وَ مَا اَللََّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعََالَمِينَ [8] فأخبر أنّه تعالى لا يريد الظلم بوجه من الوجوه، كما أنّه لمّا قال: وَ لاََ يَرْضى‌ََ لِعِبََادِهِ اَلْكُفْرَ [9] لم يجز أن يرضى به بوجه من الوجوه.

و كذلك لمّا قال: إِنَّ اَللََّهَ لاََ يَأْمُرُ بِالْفَحْشََاءِ أَ تَقُولُونَ عَلَى اَللََّهِ مََا لاََ تَعْلَمُونَ‌ [10] لم يجز أن يأمر بالفحشاء بوجه من الوجوه، و لو جاز أن يريد الظلم و هو يقول


[1] سورة النساء، الآية: 135.

[2] سورة البقرة، الآية: 65.

[3] سورة الأنفال، الآية: 67.

[4] سورة النساء، الآية: 26.

[5] سورة النساء، الآية: 27.

[6] سورة التوبة، الآية: 32.

[7] سورة غافر، الآية: 31.

[8] سورة آل عمران، الآية: 108.

[9] سورة الزمر، الآية: 7.

[10] سورة الأعراف، الآية: 28.

اسم الکتاب : نفائس التأويل المؤلف : السيد الشريف المرتضي    الجزء : 1  صفحة : 386
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست